قال تعالى من سورة الإسراء: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا﴾(1)
والمقصود من الناقة هي ناقة صالح والتي جعلها الله تعالى معجزةً له لإثبات نبوَّتِه عند قومه ثمود، فقد خلقها الله تعالى ابتداءً أي دون تناسلٍ ودون أنْ تُحمل في بطن كما اقترحوا ذلك على نبيِّهم تحدياً، فقد ورد انَّهم طلبوا منه لإثبات نبوَّتِه لهم أن يُخرجَ لهم ناقةً من صخرةٍ عظيمةٍ كانت عندهم، فدعا ربَّه فأخرجَ لهم ناقة من تلك الصخرة، وكانت عظيمة الجثَّة، فكانت تشربُ ماءَ عينِهم يوماً، ويشربونه مجتمعين يوماً، كما قال تعالى: ﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ﴾(2) وكانوا يشربونَ مجتمعين من لبنِها يوم قسمتِها.
وأما قولُه تعالى: ﴿مُبْصِرَةً﴾ فمعناه انَّها بيِّنة وواضحة وظاهرة الدلالة على نبوَّة صالح (ع) فمُبصرةٌ نعتٌ لمحذوفٍ تقديره آية ومعجزة، فمؤدَّى قوله تعالى: ﴿وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ هو انَّه آتينا ثمود الناقة حال كونها آية ومعجزة بيّنة لصالح، كما في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ فالآيات المُبصِرة هي المعجزات البيِّنة والواضحة.
وأفاد بعضُهم انَّ معنى "مُبصِرة" هو انَّها آيةٌ مُبصِّرة أي موجبة للبصيرة والهداية كما يقال: الولد مجبنة أي موجب لجبن أبيه، فالناقة نظراً لكونها معجزةً واضحة وظاهرة الدلالة لذلك فهي مقتضيةٌ لهداية مَن يقفُ عليها وموجبةً لاستبصاره وإيمانِه بصدق نبيِّ الله صالح (ع) وبحقَّانيَّة ما يدعو إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق