الفرق بين رسم ( بصائر) ورسم ( بصئر)

 

الفرق بين رسم ( بصائر) ورسم ( بصئر)

زياد السلوادي

وردت لفظة ( بصاءر ، بصـءر ) خمس مرات في القرآن الكريم ، حيث وردت أربع مرات برسم ( بصاءر ) بإثبات حرف الألف فيها ، ومرة واحدة برسم ( بصـءر ) بغير حرف الألف .

فأما ما ورد منها بإثبات حرف الألف ففي الآيات :

( قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ) الأنعام: ١٠٤ .

( وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف: ٢٠٣ .

( قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ) الإسراء: ١٠٢ .

( وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) القصص: ٤٣ .

والبصائر هي الآيات البينات والأدلة الساطعة التي أنزلها الله تعالى على رسله ليدعوا بها الناس الى الله تعالى لاتباع الحق الذي أنزله ، فمن الناس من يهتدي ويؤمن ومنهم من يضل ويكفر ، ومنهم من يحتاج الى زمن للتفكر والتدبر قبل أن يؤمن أو يكفر .

وقد سبق أن بينا أن زيادة الألف في بعض كلمات القرآن الكريم تفيد وجود مسافة ما إما زمنية وإما مكانية وإما نفسية . وفي الآيات الأربع السابقة فإن إثبات حرف الألف يفيد مسافة زمنية ، لأن البصائر التي هي الأدلة والبراهين يحتاج معها الإنسان الى أربعة أمور متدرجة هي العقل والتفكر والإيمان واليقين ، فالعقل هو مناط التكليف لأن من لا عقل له لن تنفع معه أدلة ولا براهين ، ثم يأتي التفكر والتدبر في هذه الأدلة ، فإما أن يصل العاقل الى الإيمان وإما أن يضل ويظل على كفره ، فإن وصل الى الإيمان فإنه يظل عرضة لوسوسات الشيطان ، فالإيمان يزيد وينقص وقد يعود بعض المؤمنين الى الكفر مرة أخرى كما تقول الآية الكريمة :

( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ) النساء ١٣٧ .

ولكنه إن وصل الى اليقين فقد تجاوز جميع مراحل التفكير والشك والإيمان المتزعزع ولم يعد للشيطان فيه أي أمل أن يزحزحه عن يقينه ، وعند ذلك فهو ليس في حاجة الى زمن يعيد فيه حساباته مع الدلائل والبراهين ( البصائر ) ، ولذلك حذفت الألف من كلمة البصائر في الآية الخامسة التي تحدثت عن ( قوم يوقنون ) في قوله تعالى :

( هَذَا بَصَئِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) الجاثية : ٢٠ .