لأاذبحنه.. لماذا زيدت فيها الألف؟
زياد السلوادي
وردت قصة النبي سليمان عليه السلام في سورة النمل بشيء من التفصيل، ومن أبرز ما فيها ما جاء في شأن الهدهد، حيث نقرأ في الآيتين 20 و 21 من السورة قوله تعالى:
(وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين، لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأاذبحنه أو ليأتيني بسلطن مبين) النمل: 20-21.
ومما يلفت النظر ورود كلمة (لأاذبحنه) مرسومة بزيادة حرف ألف، وهذا الحرف لا يؤثر في قراءة الكلمة،
فلو لم يكن موجوداً لظلت قراءة الكلمة هي هي دون تغيير. ولكننا نؤمن أن لكل حرف في القرآن دوراً يؤديه،
ولا بد أن لهذه الألف معنى يضاف الى معنى الكلمة التي وردت فيها بل وتثري هذا المعنى أيضاً ليعطي بعداً أعمق مما لو كانت الألف غير مرسومة في الكلمة. فما هو هذا البعد، ولماذا أضيفت هذه الألف؟
وقد سبق أن بينا أن الألف ترسم في كلمة في موضع ما وتغيب عن نفس الكلمة في موضع آخر وفي سياق آخر،
وبينا أن رسم الألف في الكلمة يعطي دائماً معنى مسافة ما، إما مكانية وإما زمنية وإما نفسية.
وحين نتدبر السياق في الآية التي وردت فيها كلمة (لأاذبحنه) بزيادة رسم الألف، نجده سياقاً يعبر بإشارات عدة عن أن النبي سليمان عليه السلام كان غاضباً أشد الغضب لغياب الهدهد،
فقوله (لأعذبنه) جاء بنون التوكيد الثقيلة، ثم أضيف الى الكلمة قوله (عذاباً شديداً)، وقد كان يكفي أن يقول (سأعذبه أو أذبحه إن لم أجد له عذراً في الغياب)،
ولكن تفصيل العذاب في (عذاباً شديداً) يشير أيضاً الى شدة التوكيد الدال على الغضب الشديد،
كما أن قوله (ليأتينّي بسلطن مبين) قد أشارت فيه نون التوكيد الثقيلة ثانية الى غضبه الشديد إضافة الى أن السلطان أو عذر الغياب يجب أن يكون مبيناً لكي يعفي الهدهد من جرم الغياب،
وهذه إشارات خمس تدل على شدة غضب النبي سليمان عليه السلام،
ثم تأتي الإشارة السادسة في زيادة الألف في قوله (لأاذبحنه)،
لتشير الى أن النبي سليمان عليه السلام قد قالها ببطء وحدّة وهو يقصد أن يذبح الهدهد ذبحاً بطيئاً يطيل فيه من معاناته وألمه عقاباً له على غيابه.
مما يشير الى أن الألف هنا عبرت عن مسافة زمنية يطول فيها أمد ذبح الهدهد.
ومما سبق يتضح لنا أن رسم بعض كلمات القرآن يخفي للمتدبرين معاني مختبئة داخل النصوص القرآنية.
سبحان من أنزل هذا القرآن!
والله تعالى أعلى أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق