اثبات الالف او الواو في كلمات القران الكريم ..
لماذا رسمت (الصلوة) و (الزكوة) بالواو؟
زياد السلوادي ..
▪︎ هناك بعض الألفاظ العربية التي كانت لها معان معينة عند العرب قبل الإسلام، أعطاها الإسلام معانيَ اصطلاحية سرعان ما طغت على معانيها اللغوية الأصيلة،
▪︎فقد كان (للتيمم) مثلا معنى في لسان العرب هو (التوخي وقصد شيء دون سواه)،
ولكن لما نزلت الآية الكريمة ( .. فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) المائدة: 6.
ورغم أن معنى (فتيمموا) في الآية الكريمة لم يخرج عن معناه الأصيل في لسان العرب، أي توخوا واقصدوا تراباً طاهراً أو أرضاً طاهرة،
إلا أن معنى التيمم اقتصر على تلك العملية التي هي بديلة للوضوء في حال توافر سبب لعدم استخدام الماء. فصار للكلمة معنيان لغوي واصطلاحي وصار المعنى الاصطلاحي هو الأشهر.
▪︎ومثل هذا الأمر يمكننا أن نقوله أيضاً عن الجنة من حيث كونها البستان في اللغة،
ومن حيث كونها جزاء الصالحين يوم القيامة في الاصطلاح،
▪︎وعن الصيام من حيث كونه الامتناع عن أي شيء في اللغة،
وكونه الامتناع عن الطعام والشراب والجماع في نهار رمضان في الاصطلاح.
وقس على ذلك عديداً من الألفاظ كالقيام والركوع والسجود والخشوع والتسبيح والجهاد وغيرها. ..
والواقع أن الألفاظ التي يرسم فيها حرف الألف في مواضع، ثم يرسم فيها حرف الواو بدل الألف في مواضع أخرى،
تساعدنا في فهم سبب رسم الصلوة والزكوة بالواو عوضاً عن الألف.
▪︎فكلمة (نبأ، نبؤا) نجد أنها بالألف تعني أنباء الدنيا والناس بعامة،
ولكنها بالواو أخص لأنها تعني أنباء الآخرة والملائكة،
وكذلك مشتقاتها (أنباء، أنبؤا، ينبأ، ينبؤا)،
▪︎وكلمة (ضعفاء، ضعفؤا) نجد أن ذات الألف تعني ضعفاء الدنيا من الأطفال والشيوخ والعجائز،
ولكنها بالواو أكثر خصوصية لأنها تعني ضعفاء الآخرة الذين كانوا تابعين للمستكبرين في الدنيا،
▪︎وكلمة (الملأ، الملؤا) نجد أنها بالألف تعني شريحة عريضة من الناس في أي مجتمع هم الصفوة من حيث الغنى والشهرة كرجال الأعمال والفنانين ولاعبي كرة القدم والإعلاميين،
▪︎ أما التي بالواو (الملؤا) فتعني خاصة الخاصة من مستشاري الحاكم وحاشيته،
▪︎ وكلمة (دعاء، دعؤا) نجد أنها بالألف تعني النداء وتعني مناجاة الله تعالى في الدنيا،
أما بالواو (دعؤا) فهي أخص لأنها تعني دعاء الكافرين وهم في النار يوم القيامة،
وكلمة (شركاء، شركؤا) حيث ذات الألف تعني أشخاصاً لكل منهم نصيب في ملكية شيء ما وتعني أيضاً جميع ما أشركه الناس بالله تعالى من أصنام وأوثان وأشخاص وحيوانات وأجرام سماوية وظواهر طبيعية،
أما التي بالواو (شركؤا) فهي أخص لأنها تعني الذين وضعوا شرائع مغايرة لشريعة الله تعالى فاتبع الناس شرائعهم،
▪︎ وكلمة (جزاء، جزؤا) حيث هي بالألف تعني الثواب على عمل صالح والعقاب على عمل سيء،
أما بالواو (جزؤا) فهي أكثر خصوصية لأنها لا تعني الثواب أبداً بل تعني العقاب على عدد محدد من الأعمال السيئة وهي (الظلم والبغي والإفساد في الأرض)،
وقس على ذلك كثيرا من الألفاظ الأخرى التي ترد بالألف أو بالواو ..
حيث نجد أن التي ترد بالواو تكون دائماً أكثر خصوصية في المعنى من تلك التي ترد بالألف،
وبتعبير آخر فذات الألف عامة وذات الواو خاصة.
وأصل معنى الصلاة عند العرب هو الدعاء،
وأصل معنى الزكاة هو الطهارة والزيادة في الخير والفضل،
ولما استخدمت اللفظتان في القرآن الكريم لتعنيا معنى (خاصاً) لكلتيهما،
هو في الأولى إقامة الصلاة الحركية من قيام وركوع وسجود وقراءة في خمسة أوقات في اليوم والليلة،
وفي الثانية هو الصدقة وإخراج نسبة محددة من الأموال والأنعام والزرع،
فقد اقتضت خصوصية المعنى الاصطلاحي الجديد رسم الكلمتين بالواو تمييزاً لهما عن المعنى اللغوي العام الذي عرفته العرب. ..
والله تعالى أعلى وأعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق