الفرق بين رسم ( وراء ) ورسم ( وراءى )
زياد السلوادي
وردت لفظة ( وراء ) بهذا الرسم غير مضافة الى ضمير 11 مرة في القرآن الكريم، في مثل:
(فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) المؤمنون: 7.
(وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) الأحزاب: 53.
(وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأمولكم محصنين غير مسفحين) النساء: 24.
ووردت برسم (وراءى) مرة واحدة في قوله تعالى:
(وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراءى حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم) الشورى: 51.
ورغم اشتراك النص في الشورى والأحزاب في قوله تعالى (من وراء حجاب ، من وراءى حجاب) إلا أننا نلاحظ الاختلاف في رسم (وراء ، وراءى) مما يعني اختلافاً طفيفاً في معنى الكلمة.
وقد سبق أن بينا في قاعدة زيادة الياء في رسم بعض الكلمات القرآنية أن زيادة الياء تأتي في سياق الحديث عن أمر كلي، وأن غيابها عن الرسم يأتي في سياق الحديث عن أمر جزئي، وشرحنا الفرق بين السياق الذي رسمت فيه كلمة (المهتد) والسياق الذي رسمت فيه كلمة (المهتدي) وذلك في الآيتين:
(وترى الشمس إذا طلعت تزور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من ءايت الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً) الكهف: 17.
(ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بـءايتنا وأنفسهم كانوا يظلمون، من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فاولئك هم الخسرون) الأعراف: 177-178.
حيث نلاحظ أن (المهتد) المقصود في سورة الكهف هو من يهتدي الى آية واحدة من آيات الله وهي حركة الشمس حول الكهف، أما (المهتدي) المقصود في سورة الأعراف فهو من يهتدي الى آيات الله كلها.
كذلك هو الفرق بين رسم (من وراء حجاب) في الأحزاب ورسم (من وراءى حجاب) في الشورى، لأن الحجاب في سورة الأحزاب يعني ساتراً مادياً محدوداً بين نساء النبي عليه السلام وبين المؤمنين من الرجال، قد يكون جداراً أو باباً أو ستارة من قماش، أما الحجاب الذي في سورة الشورى فهو حجاب معنوي غير محدود بمكان لأنه يحجب الأعين عن رؤية الله العليّ الحكيم، وجدير بالذكر أن أحداً من الناس لم يكلمه الله تعالى إلا موسى عليه السلام، وقد كلمه سبحانه وتعالى من (وراءى) ذلك الحجاب المعنوي.
والله تعالى أعلى وأعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق