الفرق بين (لهم اللعنة) و (عليهم اللعنة)

 

الفرق بين (لهم اللعنة) و (عليهم اللعنة)

زياد السلوادي

وردت اللعنة في القرآن الكريم مترافقة مع حرف الجر (على) تسع مرات في مثل (لعنة الله على الكذبين)، ووردت مرتين مترافقة مع لام الجر في مثل (لهم اللعنة). فما هو الفرق في المعنى بين أن تكون اللعنة على الملعون أو تكون اللعنة للملعون؟

حين نتدبر سياق الآيات التي وردت فيها اللعنة على الملعون، نجد أنها لعنة تحل عليه فور أن يلعنه الله، أي أنها لعنة آنية سواء كانت في الدنيا أم في الآخرة، كما في:

(إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينت والهدى من بعد ما بيّنه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللعنون(159) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم(160) إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملئكة والناس أجمعين) البقرة: 159-161.

وهذه الآيات تتحدث عن أن لعنة الله تصيب الذين يكتمون الحق الذي أنزله الله تعالى فلا يعترفون به، ولكن الذي يتوب منهم ويصلح ويبين فإن الله تعالى يتوب عليه ويرفع عنه اللعنة، وهذا يدل على أن اللعنة كانت قد حلت به من لحظة أن كتم الحق، أما الذين يظلون على كفرهم حتى الموت فإن اللعنة تكون عليهم من لحظة أن كتموا الحق الى ما بعد موتهم.

(ولما جاءهم كتب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكفرين) البقرة: 89.

أي أن اللعنة حلت عليهم من لحظة أن كفروا بما أنزل الله تعالى على رسوله عليه السلام.

(..ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكذبين) آل عمران: 61.

وهذه آية المباهلة تأمر النبي عليه السلام أن يقول لنصارى نجران تعالوا نحتكم الى الله وندعوه أن ينزل اللعنة على الكاذب منا، وهذا يعني أن لو تمت المباهلة لنزلت اللعنة فوراً على الكاذبين.

(كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمنهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينت والله لا يهدي القوم الظلمين(86) أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملئكة والناس أجمعين(87)) آل عمران.

وهذه لعنة تصيب الذين كفروا بعد أن آمنوا وشهدوا بصدق الرسول، تصيبهم فوراً وتظل عليهم الى يوم القيمة خالدين في العذاب.

(والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكذبين) النور: 7.

وهذه آية الملاعنة بين رجل وزوجته التي اتهمها بالزنى بغير أربعة شهداء، والآية تعني أن لعنة الله ستنزل عليه فوراً إن كان كاذباً.

(وإن عليك لعنتي الى يوم الدين) ص: 78.

وهذه آية حلت فيها اللعنة فوراً على إبليس لرفضه السجود لآدم.

وهكذا في بقية الآيات التي استخدمت (على) مع اللعنة.

أما الآيتان اللتان وردت فيهما اللعنة مترافقة مع لام الجر (لهم اللعنة)، فتعنيان أن اللعنة مؤجلة وليست فورية، وسوف تكون اللعنة جزاء لهم يوم القيامة فقط وليس في الدنيا:

(جنت عدن يدخلونها ومن صلح من ءابائهم وأزوجهم وذريتهم والملئكة يدخلون عليهم من كل باب (23) سلم عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار (24) والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار(25)) الرعد.

حيث يتحدث السياق هنا عن الجزاء في الآخرة، وأنه يكون جنات للمؤمنين ولعنة لناقضي عهد الله المجرمين، أي أن اللعنة هنا هي جزاء أخروي مؤجل.

(يوم لا ينفع الظلمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار) غافر: 52.

وهذه الآية تتحدث أيضاً عن يوم القيامة حيث يكون جزاء الظالمين اللعنة وسوء الدار، مما يشير الى أنها أنها لعنة مؤجلة الى يوم القيامة.

وبناء على ما تقدم فإن:

عليهم اللعنة: أي أن اللعنة آنية فورية.

لهم اللعنة: أي أنها لعنة مؤجلة وتكون جزاء أخروياً للكافرين والظالمين.

والله تعالى أعلى وأعلم.