الفرق بين رسم ( جاوز ) ورسم ( جوز )
زياد السلوادي
وردت لفظة (جاوز) بمعنى عبور حاجز مائي 4 مرات في القرآن الكريم، اثنتين لعبور بني إسرائيل البحر، وواحدة لعبور طالوت وجنوده النهر، وواحدة لعبور موسى وفتاه مجمع البحرين. ومن لطيف الرسم القرآن أن ترد المرتان لبني إسرائيل مرسومتين بغير حرف الألف (وجوزنا ببني إسرءيل البحر)، بينما وردت المرتان الأخريان بإثبات حرف الألف (جاوزه، جاوزا).
(وجوزنا ببني إسرءيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم) الأعراف: 138.
(وجوزنا ببني إسرءيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً) يونس: 90.
(فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلاً منهم فلما جاوزه هو والذين ءامنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده) البقرة: 249.
(فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سرباً، فلما جاوزا قال لفتاه ءاتنا غداءنا قد لقينا من سفرنا هذا نصباً) الكهف: 61-62.
ونلاحظ أن المرتين الخاصتين ببني إسرائيل قد جاء الرسم فيهما بغير حرف الألف (وجوزنا) وذلك لسببين، أولهما أن الفاعل هو الله تعالى حيث المسافة المكانية التي يفيدها وجود الألف هي غير ذات قيمة ما دام الفاعل هو الله تعالى، وثانيهما أن بني إسرائيل لم يخوضوا المسافة المتجاوزة في الماء بل ولم يبتل منهم أحد لأن الله تعالى قد جعل لهم طريقاً يبساً بين جبلين من الماء، فاجتازوا المسافة سائرين على أرض جافة.
أما في آية طالوت فالفاعل هو طالوت ومن بقي معه من جنوده، (فلما جاوزه هو والذين ءامنوا معه)، فخاضوا النهر من ضفة الى ضفة، مع ما رافق ذلك من مشقة ومن بلل، فاقتضى الرسم أن يعبر عن ذلك بثبات حرف الألف الذي يفيد وجود المسافة المكانية.
كذلك موسى وفتاه، فالفاعل هو موسى وفتاه (فلما جاوزا قال لفتاه)، وهما أيضاً قد اجتازا مسافة مكانية طويلة، سواء من خلال خوض مجمع البحرين أم من خلال السير بمحاذاته، لأنهما بعد اكتشاف المكان الذي سيلتقي فيه موسى مع العبد الصالح ارتدا على آثارهما قصصاً، أي تتبعا آثار أقدامهما ليرجعا الى المكان الأول، فاقتضى الرسم أن يعبر عن المسافة المكانية بإثبات حرف الألف في (جاوزا).
والله تعالى أعلى وأعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق