الخميس، 4 مارس 2021

ما دلالة الفاء في (وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ)

 

ما دلالة الفاء في (وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ) ثم ما دلالة هذا التعبير بالذات وما اللمسات البيانية فيها؟
(وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ) لو تأملنا فيه فهو تعبير غريب وليس مثل فلا تحزن لكفره، الكفر فاعل والكاف المخاطب مفعول به (المخاطَب هو الرسول صلى الله عليه وسلم)، في اللغة المنهي هو الفاعل لما أقول لا يضرب محمد خالداً المنهي هو محمد، المنهي هو الفاعل ففي الآية الكفر هو المنهي وليس الرسول صلى الله عليه وسلم. المعنى العام لا تحزن لكفره هذا أصل المعنى لكن كيف اختار التعبير؟ لماذا لم يقل فلا تحزن لكفره. في اللغة المنهي هو الفاعل إلى المفعول. لم يقل تعالى فلا تحزن وإنما قال (فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ) الكاف مفعول به. لو قال لا تحزن يكون الفاعل المخاطب (أنت) لكن في الآية المنهي هو الكفر. المنهي في الآية هو الكفر يعني أيها الكفر لا تُحزِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينهى تعالى الكفر ألا يُحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم إشفاقاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأن الكفر يريد أن يُحزِن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه فيها تعبير مجازي كأن الكفر ذات عاقلة تريد أن تحزن الرسول فينهاه تعالى (فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ) تعبير في غاية اللطافة والرقة. قال تعالى في آيات أخرى (وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) النحل) ليس هنا مفعول به منهي. في القرآن (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) فاطر) لأن الشيطان يغرّ المسلم، المنهي هو إبليس لكن المقصود به الإنسان أن لا يغتر بإبليس. (فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ) المنهي هو الكفر أن لا يُحزِن رسول الله.
الفاء في (فَلَا يَحْزُنكَ) الفاء يمكن حذفها. ذكرها له معنى وحذفها له معنى. الفاء هنا عرّفتنا جواب الشرط ولو حذف الفاء لا تكون شرطية، هناك ضوابط لاقتران الفاء بجواب الشرط. الفاء تحتمل أن تكون موصولة وتحتمل أن تكون شرطية والذي يحدد أحياناً ضابط لفظي كأن يكون الجزم (من يدرس ينجح) هذا شرط للأن إسم الموصول لا يجزم. هذا الذي يحدد الفاء الموطن موطن وجوب اقتران الفاء بالشرط لأن هذا نهي (لا) الناهية إذا كانت (من) شرطية فالفاء لا بد أن تأتي, وإذا كانت (من) موصولة لا تأتي الفاء. لو لم تأتي بالفاء في الآية تكون موصولة، الفاء شرطية وهذا هو المقصود. وإذا كانت موصولة ومن كفر لا يحزنك كفره المعنى ليس واحداً. الشرط يفيد العموم قطعاً (من يستعن بالله يعنه) لا يقصد شخص معين. أما الموصول فلا يدل على الغموم لأن الموصول معرفة وقد يكون المعرفة للجنس أو للواحد (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12)وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) المدثر) شخص معين واحد هو الوليد بن المغيرة. الموصول لا يقتضي أن يكون جنساً يحتمل أن يكون واحداً معيناً أو جنساً (أكرمت من زارني) من يزورني أكرمه، من يعتدي عليّ أعتدي عليه. الشرط يدل على العموم والكوصول ليس بالضرورة وفي الآية أراد تعالى العموم وليس جماعة معينة في الكفر وإنما الكلام على الإطلاق وفهمنا الإطلاق من الفاء. هذه الفاء عيّنت أن (من) شرطية والشرط يفيد العموم إطلاقاً لأنه لو قال لا يحزنك يحتمل أن يكون جماعة معينة بينهم مشادة أو أذى لا تعني غيرهم لكن عندما جاء بالفاء صارت للعموم ولو حذفها ليست بالضرورة للعموم إذن ذكرها ليس كحذفها، وجود الفاء يحدد معنى الشرطية لـ (من) وهذا فيه العموم وهذا هو المقصود بالآية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ ﴾ [البقرة آية:٢]عرض وقفة أسرار بلاغية د.فاضل صالح

آية (٢) : (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)  : * الفرق بين دلالة كلمة الكتاب والقرآن من ناحية اللغة كلمة قرآن في ...