*(إنا أعطيناك الكوثر)*
*لماذا قال الله تعالى أعطيناك ولم يقل آتيناك؟
سورة الكوثر تأتي في الترتيب في المصحف بعد سورة الماعون (أرأيت الذي يكذب بالدين..)
وهي تقابل هذه السورة من نواحي عديدة:
سورة الماعون | سورة الكوثر |
أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون | انا اعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر (المقصود بالنحر التصدق) |
فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون (سهو عن الصلاة) | فصل لربك وانحر (أمر بالصلاة ودوام عليها) |
الذين هم يرآؤون (مرآءاة في الصلاة) | فصل لربك وانحر (اخلاص الصلاة لله) |
الذي يكذب بيوم الدين (لا يصدق بالجزاء ويوم الدين) | انا اعطيناك الكوثر (الكوثر نهر في الجنة وهذا تصديق بيوم الدين والجزاء) |
كل الصفات في هذه السورة تدل على الابتر لأنه انقطع الخير عنه فهو الابتر حقيقة (يكذب بيوم الدين, لا يدع اليتيم، لا يحض على طعام المسكين، ...) | ان شانئك هو الابتر (والابتر هو من انقطع عمله من كل خير |
وسورة الكوثر هي انجاز لما وعد الله تعالى رسوله في سورة الضحى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) في سورة الضحى وعد من الله بالاعطاء وفي سورة الكوثر عطاء وتحقق العطاء. وفي سورة الكوثر قال تعالى (انا اعطيناك الكوثر) وإنا تفيد التوكيد وفي سورة الضحى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) ولسوف تفيد التوكيد ايضاً. وفي سورة الكوثر (فصل لربك وانحر) وفي الضحى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) اي فصل لربك الذي وعدك بان يعطيك وانجز الوعد.
انا اعطيناك: في بناء الآية لغوياً يوجد تقديم الضمير إنا على الفعل أعطيناك وهو تقديم مؤكد تأكيد بـ (إن) وتقديم ايضاً. فلماذا قدم الضمير إنا؟ اهم اغراض التقديم هو الاهتمام والاختصاص.
فعندما نقول أنا فعلت بمعنى فعلته أنا لا غيري (اختصاص)
وأنه خلق الزوجين ...ونوحاً هدينا من قبل.. (تفيد الاهتمام)
ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان...(تفيد الاهتمام ) لم يقصر السماع عليهم وحدهم انما سمع غيرهم ايضاً.
في الآية إنا اعطيناك الكوثر يوجد الامران: الاختصاص والاهتمام. فالله تعالى أعطى نبيه الكوثر اختصاصاً له وليس لأحد سواه وللإهتمام أيضاً واذا كان ربه هو الذي اعطاه حصرا فلا يمكن لأي أحد ان ينزع ما أعطاه الله من حيث التأكيد في تركيب الجملة.
إنا: ضمير التعظيم ومؤكد
*لماذا لم يقل آتيناك؟
هناك تقارب صوتي بين آتى وأعطى وتقارب من حيث المعنى ايضاً لكن آتى تستعمل لما هو أوسع من أعطى في اللغة فقد يتقاربان.
آتى تستعمل لأعطى وما لا يصح لأعطى (يؤتي الحكمة من يشاء) (ولقد آتينا موسى تسع آيات) ( وآتيناهم ملكاً عظيماً). آتى تستعمل للرحمة، للحكمة، للأموال (وآتى المال على حبه) وتستعمل للرشد (وآتينا ابراهيم رشده). آتى تستعمل عادة للأمور المعنوية (لقد آتيناك من لدنا ذكرا) وقد تستعمل للأمور المادية ايضاً.
أما أعطى فهي تستعمل في الامور المادية فقط (وأعطى قليلاً وأكدى) (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى)
إذن آتى تستعمل للأموال وغير الأموال وأكثر استعمالها للأمور الواسعة والعظيمة كالملك والرشد والحكمة.
وأعطى للتخصيص على الأغلب وهناك امور لا يصح فيها استعمال اعطى أصلا كالحكمة والرشد.
*وما دامت كلمة آتى اوسع استعمالا فلماذا اذن لم يستعمل آتى بدل أعطى؟
الإيتاء يشمله النزع بمعنى انه ليس تمليكا انما العطاء تمليك. والإيتاء ليس بالضرورة تمليكا (تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) (وآتيناه من الكنوز....ثم خسفنا به وبداره الارض) اذن الايتاء يشمله النزع اما العطاء فهو تمليك. في الملك يستعمل الايتاء لأنه قد ينزعه سبحانه اما العطاء فهو للتمليك وبما انه تمليك للشخص فله حق التصرف فيه وليس له ذلك في الايتاء. (رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي.... هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب) اي بما انه عطاء من الله تعالى لسيدنا سليمان فله حق التصرف في عطاء الله له.
وقد يكون الايتاء آية فليس للنبي حق التصرف بها بل عليه تبليغها ورب العالمين ملك رسوله r الكوثر وأعطاه اياه تمليكاً له أن يتصرف فيه كيفما شاء.
* لماذا قال تعالى الكوثر ولم يقل الكثير؟
الكوثر من صفات المبالغة تفيد (فوعل وفيعل) تدل على المبالغة المفرطة في الخير. وقيل عن الكوثر انه نهر في الجنة وقيل الحوض وقيل رفعة الذكر وغيره وكل ما قيل يشمل الخير الذي اعطاه الله تعالى لرسوله r فهو كوثر ومن الكوثر اي الخير الذي انعم الله تعالى على رسوله به.
والكوثر يدل على الكثرة المفرطة في الشيء والفرق بين الكوثر والكثير ان الكوثر قد تكون صفة وقد تكون ذاتاً اما الكثير فهي صفة فقط. وكون الكوثر صفة يدل على الخير الكثير وليس على الكثرة (الكثير هو الكثرة) ولكن الكوثر تدل على الخير الكثير والكثرة قد تكون في الخير وغيره. فالكوثر هو بالاضافة الى الكثرة المفرطة فهو في الخير خصوصاً. وقد تكون الكوثر الذات الموصوفة بالخير (يقال أقبل السيد الكوثر اي السيد الكثير الخير و العطاء) ولا يقال اقبل الكثير. النهر عادة هو ذات ولكنه ذات موصوف بكثرة الخير. فالكوثر اولى من الكثير لما فيه من الكثرة المفرطة مع الخير وهناك قراءة للآية (الكيثر) وهي صفة مشابهة مثل الفيصل.
والواو اقوى من الياء فأعطى الله تعالى الوصف الاقوى وهو الكوثر وليس الكثير. وفي هذه الآية حذف للموصوف فلم يقل تعالى ماءً كوثراً ولا مالاً كوثراً وانما قال الكوثر فقط لإطلاق الخير كله.
وعندما عرف الكوثر بأل التعريف دخل في معناها النهر ولو قال كوثر لما دخل النهر فيه لكن حذف الموصوف أفاد الإطلاق وجمع كل الخير.
وعندما اعطى الله تعالى رسوله r الخير المطلق والكثير فهو في حاجة للتوكيد والتعظيم ولذلك قال إنا مع ضمير التعظيم لأنه يتناسب مع الخير الكثير والمطلق وناسبه التوكيد أيضاً في إنا.
*( فصل لربك وانحر)*
*لماذا لم يقل سبحانه وتعالى فصل لنا او صل لله ولماذا قال انحر ولم يقل ضحي او اذبح؟
بعد ان بشر الله تعالى رسوله r باعطائه الكوثر جاء السبب بالفاء اي اراد منه ان يشكر النعمة التي اعطاه اياها. ينبغي تلقي النعم بالشكر ولم يقل له فاشكر لان الشكر قد يكون قليلاً او كثيراً فلو قال الحمد لله فقط لكان شاكراً لكن هذا الامر الكبير والعطاءالكبير يستوجب الحمد الكثير ولذا طلب الله تعالى من رسوله r شيئين الاول يتعلق بالله تعالى وهو الصلاة والثاني يتعلق بالعباد وهو النحر. والصلاة اعظم ركن من اركان الاسلام وهو اعلى درجات الشكر لله والنحر وفيه اعطاء خلق الله والشفقة بخلق الله. فشكر النعم يكون بامرين شكر الله والاحسان الى خلقه من الشكر ايضاً وعندما نحسن الى خلق الله يكون هذا من شكر نعم الله.
وقدم الله تعالى الصلاة على النحر لان الصلاة اهم من النحر وهي ركن من اركان الاسلام واول ما يسأل العبد عنه يوم الحساب والمفروض ان تكون خمس مرات في اليوم والليلة ولهذا فهي اعم من النحر لأن النحر يكون مع التمكن المادي فقط في حين ان الصلاة لا تسقط عن العباد في اي حال من الاحوال من مرض او فقر او غيره. وقد وردت الصلاة في القرآن على عدة صور فهي ان كانت من الله تعالى فهي رحمة، ومن الرسول r دعاء، ومن العباد عبادة وقول وفعل وحركة الصلاة. وكلما ورد ذكر الصلاة والزكاة في القرآن تتقدم الصلاة على الزكاة لانها أعم وأهم.
*فصل لربك: لماذا لم يقل فصل لله او فصل لنا؟
اللام في (لربك) تفيد الاختصاص والقصد ان الصلاة لا تكون الا لله وحده وهي مقابلة لما ورد في ذكر المرائين في الصلاة في سورة الماعون (الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يرآؤون ويمنعون الماعون) اما في سورة الكوثر فجاءت فصل لربك اي داوم على الصلاة لربك وليس كالمرائين.
*لماذا لم يقل فصل لنا؟ في اللغة تسمى التفات من الغيبة الى الحضور او العكس. الصلاة تكون للرب وليس للمعطي فإذا قال فصل لنا لأفاد ان الصلاة تكون للمعطي ولكن الصحيح ان المعطي له الشكر فقط وليس الصلاة حتى لا يتوهم ان الصلاة تكون لأي معطي والصلاة حق لله وحده انما المعطي له الشكر فقط. وكذلك قال تعالى إنا اعطيناك باستخدام ضمير التعظيم فلو قال فصل لنا لأوهم انه فيه شرك (:انه تعالى له شريك والعياذ بالله) او انه يمكن استخدام ضمير التعظيم للجمع
ملاحظة: في القرآن كله لا يوجد موضع ذكر فيه ضمير التعظيم الا سبقه او تبعه إفراد بما يفيد وحدانية الله تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ...إنا لله وإنا إليه راجعون) (كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله) (ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك....وإلى ربك فارغب) ولم يقل والينا فارغب. وهكذا يتبين انه لم يذكر ضمير التعظيم في القرآن كله إلا سبقه او تبعه ما يدل على الإفراد تجنباً للشرك.
*لم اختيار كلمة الرب بدل كلمة الله ؟
(فصل لربك) ولم يقل فصل لله.هذه الآية انجاز لما وعد الله تعالى رسوله r في سورة الضحى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) ومعناها صل لربك الذي انجز الوعد الذي وعدك اياه. والعطاء من الرعاية ولم يرد في القرآن كله لفظ العطاء إلا مع لفظ الرب (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) (ولسوف يعطيك ربك فترضى) (كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محذورا) (جزاء من ربك عطاء حسابا) لم تقترن كلمة العطاء في القرآن كله بغير لفظ الرب، والرب هو المربي والمعطي والقيم.
* ما دلالة تحول الخطاب من المتكلم إلى الغيبة مع الرسول rفى سورة الكوثر؟
هذا من باب الالتفات في البلاغة يلتفت من الغيبة للحاضر ومن الحاضر للغيبة لكن لماذا؟التحول من ضمير الغيبة إلى المتكلم ومن المتكلم إلى الغيبة يسمى الإلتفات ويذكر عموماً هناك أمر عام في الالتفات أنه لإيقاظ النفس لأن تغيير الأسلوب يجدد نشاط السامع وينتبه أن الخطاب كان عن غائب ثم تحول إلى حاضر، هذا أمر عام في الالتفات أنه يثير انتباه السامع ويجعله ينتبه مثلاً (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)) يتكلم تعالى عن نفسه ثم قال (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)) ولم يقل فصلّ لنا إذن هذا إلتفات. كل مسألة في القرآن فيها إلتفات عدا هذا الأمر كونه لتنبيه السامع فيها أمر. لماذا التفت في (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2))؟ الصلاة للرب وليس للمعطي، لو قال فصلّ لنا أي لأننا أعطيناك صلّ حتى لا يُفهم أن الصلاة من أجل العطاء لمن يعطي لكن الصلاة للربّ سواء أعطاك أو لم يعطيك . الصلاة ليست للعطيّة وإنما من باب الشكر فالالتفات في كل مسألة في القرآن له غرض.
*ما اللمسة البيانية في التحول في الضمير من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب؟
الالتفات في البلاغة كما قالوا يثير التفات السامع ويثير نشاطه. وهناك أمر آخر نبهنا عليه في أكثر من مناسبة أنه كل تعبير في القرآن بضمير الجمع للتعظيم، هذه تعظيم، كل ضمير في القرآن كله بلا استثناء يتكلم فيه عن الله لا بد أن يكون قبله أو بعده ما يدل على أن الله تعالى مفرد ليس هنالك موطن في القرآن فيه ضمير للتعظيم إلا ويبين أنه مفرد فيما قبله أو بعده، عندما قال (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)) قال (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)) ما قال فصلِّ لنا. (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)) ثم قال (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)).
*لماذا قال وانحر ولم يقل واذبح؟
النحر في اللغة يتعلق بنحر الإبل فقط ولا تستعمل مع غير الإبل. يقال ذبح الشاة وقد يستعمل الذبح للجميع وللبقر والطيور والشاة والابل لكن النحر خاص بالإبل لأنها تنحر من نحرها فأراد الله تعالى ان يتصدق بأعز الاشياء عند العرب فلو قال اذبح لكان جائزاً ان يذبح طيراً او غير ذلك ومعروف ان الإبل من خيار أموال العرب. وبما أن الله تعالى أعطى رسوله r الخير الكثير والكوثر فلا يناسب هذا العطاء الكبير ان يكون الشكر عليه قليلاً لذا اختار الصلاة والنحر وهما اعظم انواع الشكر.
*لماذا لم يقل وتصدق؟
الصدقة تشمل القليل والكثير فلو تصدق احدهم بدرهم او بطير لكفى المعنى ولكن الله تعالى اراد التصدق بخير الاموال ليتناسب مع العطاء الكثير.
*لماذا لم يقل وزكي؟
الرسول r لم يكن يملك النصاب للزكاة أصلاً فهي غير واردة على الاطلاق ثم إن الزكاة تجب مرة واحدة في العام وبنسبة 2.5 % فقط ولما اختلف عما فرضه الله تعالى على المسلمين جميعاً ولن تكون شكراً خاصاً لله تعالى على عطائه الكثير ألا وهو الكوثر.
*لماذا لم يقل وضحي؟
الاضحية هي كل ما تصح به الاضحية الشرعية فلو ضحى بشاة لكفت. والاضحية لها وقتها وهو اربعة ايام يوم النحر و ايام التشريق فقط والله تعالى لم يرد ان يحصر الشكر له على عطائه الكثير يأيام محددة.
اختلف المفسرون بالصلاة والنحر أهي صلاة العيد او عامة الصلاة او خاصة والمعنى في الآية (فصل لربك وانحر) تشمل كل هذه الحالات ففي العيد يكون النحر بعد الصلاة ولكن الكثير من المفسرين قالوا انها عامة ويدخل فيها صلاة العيد والاضحية.
*لماذا لم يقل فصل لربك وانحر لربك؟ او انحر له؟
· إن المتعلق الاول لربك كأنما يغني عن المتعلق الثاني وهو ما يسمى بظهور المراد أي يفهم من الآية فصل لربك وانحر لربك.
· الصلاة اهم من النحر لأنها لا تسقط باي حال من الاحوال فجعل المتعلق بما هو اهم والنحر لا يكون إلا مع الاستطاعة.
· الصلاة لا تكون إلا عبادة ولا تكون غير ذلك أما النحر فقد يكون إما للعبادة وقد يكون للأكل فقط وليست بهدف العبادة لذا النحر يختلف عن الصلاة. واذا كان النحر عبادة فلا يكون إلا لله تعالى وملعون من ذبح لغير الله فلو قال وانحر لربك لألزم أن يكون النحر فقط عبادة ولما جاز لغير العبادة ابداً.
*لماذا لم يقل وتقرب؟
القربان من التقرب ولقد ورد القربان مرة واحدة في القرآن الكريم في حادثة ابني آدم عليه السلام.
*(إن شانئك هو الابتر)*
نزلت هذه الآية لما مات ابني الرسول r فقالت قريش بتر محمد واذا مات ابناء الشخص المذكور يقال له أبتر.
*ما هو تعريف كلمة الأبتر وما معناها؟
الأبتر في اللغة لها عدة معاني:
1. كل أمر انقطع من الخير أثره فهو ابتر
2. إذا مات اولاد الشخص الذكور او ليس له اولاد ذكور أصلاً
3. الخاسر يسمى أبتر
من أشهر ما ذكر في اسباب النزول حادثة وفاة ابني الرسول r
هو الأبتر" يقال هو الغني لتفيد التخصيص. هو غني: اي هو من جملة الأغنياء.
أراد الله تعالى ان يخصص الشانئ بالأبتر ولم يقل إن شانئك هو أبتر. هو في الآية ضمير منفصل وتعريف الأبتر بأل التعريف حصر البتر بالشانئ تخصيصاً.
شنئان: بغض.
جعل الله تعالى مجرد بغض الرسول r هو خسارة وهذه خاصة لرسول الله r.
لم يقل عدوك هو الابتر لأن مجرد الشنئان للرسول r هو بغض وخسارة ولو لم يعلن عداوته علناً (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن)
*لماذا قال الأبتر ولم يقل المبتور؟
الأبتر صفة مشبهة على وزن أفعل تفيد الثبوت مثل الأحمر والأعرج والأسمر والأصلع.
المبتور صيغة فعول تدل على الحدوث فترة مثل مهموم ومحزون ومسرور ولا تدل على الثبوت بل تتحول.
فاستخدام الأبتر وجب بكل معاني البتر مع استمرارية هذه الصفة مع انقطاع ذريته حقيقة او حكماً ويقال إن شانيء الرسول r انقطع نسله بتاتاً إما بانقطاع الذرية أصلاً او بإسلام ذريته من بعده فلا يدعون لأبيهم الكافر ابداً فينقطع ايضاً ذريته وذكره بعد موته، فقد بتر من الذرية وبتر من الخير أيضاً (وورد أن شانيء الرسول r هو أبو جهل الذي اسلم أبناؤه كلهم وآمنوا بالله وبرسوله r).
*لماذا لم يقل وجعلنا شانئك هو الأبتر او سنجعل شانئك هو الأبتر؟
الخير الكثير هو الذي يعطيه الله تعالى والعطاء يقاس بقدر العطاء وقيمته وبقدر المعطي فاذا كان المعطي عظيما كان العطاء عظيماً. من ناحية المعطي ليس هناك أعظم من الله تعالى والكوثر هو الخير الكثير اما الأبتر فهو ليس جعلاً إنما صفته الأصلية فهناك فرق بين جعل الإنسان بصفة معينة او انه كذلك بصفته الأصلية.
(شانئك) من حيث البيان هي أقوى الالفاظ وفي قراءة (شنئك) تفيد ان الابتر هو الذي بالغ في الشنئ. ارتبط آخر السورة بأولها فالله تعالى أعطى في اولها الكثير من الخير وفي المقابل جاءت كلمة الابتر وهو الذي خسر كل شيء والذي انقطع أثره من كل خير مقابل الخير الكثير الذي أعطاه الله تعالى للرسول r.
الرسول r لم يخسر لا في الدنيا ولا في الآخرة وهو ليس بالأبتر فالرسول r يذكر اسمه في كل ثانية وهذا خاص بسيدنا محمد r إنما الشانيء فهو الابتر في الدنيا والآخرة وهو الخاسر مادياً ومعنوياً.
لما أمر الله تعالى رسوله r بالنحر (فصل لربك وانحر) مكنه من مئة من الإبل نحرها بعد نزول الآية شكراً لله تعالى على نعمه الكثيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق