السبت، 19 نوفمبر 2022

*ختمت الآية بقوله تعالى (والله بما تعملون خبير) فما اللمسة البيانية في تقديم العمل على الخبرة هنا علماً أني في آيات أخرى يقدم الخبرة على العمل (خبير بما تعملون)؟

تكلمنا سابقاً عن بما تعملون بصير وبصير بما تعملون. بالنسبة لهذه الآية واضحة لأن الكلام على هؤلاء، على عمل هؤلاء من الإنفاق والقتال فقدم العمل لكن نقول أمراً في العمل والخبرة: يقدم العمل على الخبرة أو الخبرة على العمل بحسب ما يقتضيه المقام: فإذا كان السياق في عمل الإنسان وليس في الإنسان، في عمل الإنسان - وهناك فرق بين الكلام على الإنسان عموماً وعمل الإنسان - قدّم العمل ، هذا أمر. وإذا كان السياق في غير العمل ويتكلم عن الإنسان في غير عمل كالقلب أو السياق في أمور قلبية أو في صفات الله عز وجل يقدم صفة الخبير على العمل، هذا خط عام. إذا كان السياق في عمل الإنسان يقدم العمل (والله بما تعملون خبير) يقدم العمل على الخبرة وإذا كان السياق في أمور قلبية أو عن الله سبحانه وتعالى يقول (خبير بما تعملون). نضرب أمقلة حتى تتضح الصورة: (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ  (271) البقرة) هذا عمل فختم الآية (والله بما تعملون خبير)، (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد) الكلام على الانفاق والقتال فقدم العمل، (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) البقرة) الكلام على العمل (فعلن)، (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير (8) التغابن) ذكر العمل فقدمه لأنه ذكر ما يتعلق بالإنسان وعمله فقدم العمل. في حين قال تعالى (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور) النفاق أمر قلبي وليست عملاً فقدم الخبرة، (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) النمل) يتكلم عن الله سبحانه وتعالى فقدم الخبرة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) الحشر) التقوى أمر قلبي، هذه القاعدة العامة إذا كان الكلام عن عمل الإنسان يقدم العمل على الخبر وإذا كان الكلام ليس عن العمل وإنما في أمر قلبي أو الكلام على الله سبحانه وتعالى يقدم الخبرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌳 ما الفرق بين قوله تعالى (فتحت أبوابها) في النار و(وفتحت أبوابها) في الجنة في سورة الزمر؟🖌 د/فاضل السامرائي

الفرق بينهما حرف واحد غيّر معنى الآيتين وهو حرف (الواو). في وصف دخول الكفار قال تعالى: (حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها) وفي دخول المؤمنين الج...