الخميس، 24 نوفمبر 2022

*بعض الملامح البيانية والبلاغية في سورة الحديد:

 -        بدأت السورة بالتسبيح لله سبحانه وتعالى (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) هذه فيها إشارة إلى أن نكون مع المسبحين لله لأنه في خاتمة سورة الواقعة قال (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)) كأنها إشارة أن نكون مع المسبحين لله مع كل ما في السموات والأرض.

-        وكل السور التي تبدأ بالتسبيح يكون فيها العزيز الحكيم هذان الإسمان الكريمان أو شبيهان بهما إما في الآية أو في السورة، كل سورة تبدأ بالتسبيح إما يقول العزيز الحكيم أو نحو هذا أو السورة لا تخلو من هذين الإسمين العزيز الحكيم إلا آية واحدة في السورة ختمت بقوله تعالى (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) التغابن) وختم السورة بقوله (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) التغابن)

-        والأمر الآخر في السورة أنه ذكر في هذه السورة من صفات الله ما لم يذكر في موضع آخر في القرآن (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)) هذه الصفات لم ترد في موطن آخر وهذه من الأمور الخاصة بالسورة.

-        أمر أكثر من مرة بالإيمان بالله والرسول وبالإنفاق وهذه تطبع السورة عموماً وليست أركان الإيمان عموماً وإنما الإيمان بالله والرسول دون الإيمان بالأمور الأخرى (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ (7)) (وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ (8)) (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ (19)) ونسأل لماذا؟ طالما آمن بالله ورسوله ستأتي بقية الأركان تباعاً. وذكر الإنفاق خصوصاً ولم يذكر عموم العمل الصالح (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ (10)) لم يذكر عموم العمل الصالح وفي الإيمان ذكر الإيمان بالله والرسول وفي العمل ذكر الإنفاق وذكر القتال لكن لم يحض عليه (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا (10)).

-        ثم ذكر النساء والرجال (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (12)) (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ (13)) (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ (18)) ثم ذكر من مشاهد القيامة مشهد لم يذكر في مكان آخر.

-        ومسألة المنافقين والسور والمحاورة بين المنافقين والمؤمنين (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)) ذكر يوم القيامة (يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم (12)) ذكرت فى سورة التحريم لكن ليست بالصورة التي ذكرها في سورة الحديد من السور والمحاورة والنور.

-        وبعد أن ذكر ما ذكر من مشاهد الآخرة وصفات الله وقدرته أهاب بالمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ (16)) .

-        وبين لنا أمراً من أمور الحياة في غاية الأهمية وهي أن الحق لا يقوم بنفسه وإنما يحتاج إلى قوة تنفيذية (وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ (25)) .

-        وذكر في السورة تفضله على عباده في أكثر من مرة (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) حتى في الجنة ذكر (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)) ولم يذكر عملاً وهذا من تفضله عليهم وختمها (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) وذكر أن المؤمنين يؤتهم كفلين من رحمته وهذا من الفضل العظيم الذي تفضل به على عباده (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)) .

-        ثم ذكر الإنفاق وحده وإذا ذكر الإنفاق وحده يقول له أجر كريم وإذا ذكر الإيمان والإنفاق يقول له أجر كبير باعتبار اتسعت الدائرة وكبرت فيقول له أجر كبير. هذه ملامح سورة الحديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق