الخميس، 27 أكتوبر 2022

*ما هي اللمسات البيانية في الآية (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) الصافات)؟(د.فاضل السامرائى)

هما آيتان في الحقيقة: آية الحجر (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18))، (شهاب ثاقب) في الصافات، قال تعالى في الصافات (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)) في الحجر شهاب مبين وفي الصافات شهاب ثاقب. لا شك أن كل خاتمة آية منسجمة مع الفواصل في السورتين (رجيم، مبين) (الكواكب، جانب، واصب، ثاقب)، لكن هل المقصود التناسب فقط أم هناك أمر معنوي آخر؟ أولاً ينبغي أن نعرف ما الفرق بين المبين والثاقب ونضع كل واحدة في سياقها، المبين هو الظاهر للمبصرين، ظاهر واضح. الثاقب هو النافذ بضوئه وشعاعه المنير، نيّر متّقد والثقب هو الخَرْق النافذ يثقب الشيء، إذن الثاقب هو مبين مع زيادة إذا كان في النور فهو متّقد لأن مبين أي شيء ظاهر حتى لو كان قليلاً يكون مبيناً لكن الثاقب من شدة النور نافذ بالضوء وثاقب الثقب من الخرق النافذ، أيُّ الأقوى في اللغة ثاقب أو مبين؟ الثاقب أقوى في اللغة. ننظر الآن كيف وضعها؟ الثاقب أقوى في اللغة. عندنا (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ) الاستراق هو أخذ الشيء بخفية وفي الآية الأخرى عندنا الخطف فقال (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ) الخطف هو الإستلاب والأخذ بسرعة، يستلب الشيء يأخذه، يختلسه، يأخذ الشيء بسرعة كما في قوله تعالى (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ (31) الحج) فيها سرعة. إستراق السمع قد يكون بالتنصت وليس بالضرورة أن يكون هناك حركة، استرق السمع قد يكون بالتنصت يأتي من مكان خفي فيسترق. يسترق السمع يعني يقف ويُنصت أما الخطف ففيها حركة، إذن صار هناك فرق، واحدة يسترق السمع ليس بالضرورة فيها حركة وإنما يتنصت والخطف فيها سرعة يختلس يخطف بسرعة، أيها الأشد والأسرع؟ الخطف أو الاستراق؟ الخطف أسرع، أي الذي يحتاج إلى حفظ أكثر وأشد، الخطف أو الاستراق؟ الخطف. فالآية كلها تغيّرت بموجب هذا. أي الذي يحتاج شهاب ثاقب؟ الخطف. قال تعالى في الصافات (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8)) ولم يقلها في سورة الحجر، ووصف الشيطان بأنه مارد والمارد هو العاتي ومردة الشياطين من العتاة وهذا يحتاج إلى ما هو أقوى، ثم قال (دحوراً) دحوراً هو مصدر بمعنى مطرودين، دحر يعني طرد، دحوراً مصدر في المبالغة، عذاب واصب يعني دائم، هذه كلها لم يقلها في سورة الحجر. في الحجر قال (وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17)) وفي الصافات (وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7)) حفظاً مصدر والمصدر فيه تحقيق وثبوت وأقوى في الدلالة من الفعل، وقال (شهاب ثاقب)، الآن هل يمكن أن نضع أي كلمة في غير مكانها؟ إذن لما كان هؤلاء مردة سيقذفون من كل جانب ودحوراً ولهم عذاب واصب وحِفظاً. إذن ليس فقط المسألة في تناسب الفواصل شهاب ثاقب أو شهاب مبين وإنما هي واضحة من حيث اللغة لا يمكن إلا أن نضع ما وُضِع في مكانه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌳 ما الفرق بين قوله تعالى (فتحت أبوابها) في النار و(وفتحت أبوابها) في الجنة في سورة الزمر؟🖌 د/فاضل السامرائي

الفرق بينهما حرف واحد غيّر معنى الآيتين وهو حرف (الواو). في وصف دخول الكفار قال تعالى: (حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها) وفي دخول المؤمنين الج...