الأحد، 21 أغسطس 2022

لمسات بيانية سورة البقرة 10

 

آية (264):

* لم ختمت الآية بقوله تعالى:( وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) لماذا لم يقل الظالمين؟( د.فاضل  السامرائى)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) قال (وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) هذا كافر ولو قال ظالم فالظالم ليس بالضرورة كافر فقد يكون ظالماً غير كافر إنما هذا هو كافر لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر لو قال ظالمين لا تعني أنه كافر. حتى لما قال (لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ) وصف الذين كفروا أعمالهم (كسراب بقيعة) (كرماد اشتدت به الريح).

*ما الفرق بين(وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) – (وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ)؟(د.أحمد الكبيسى)

في سورة البقرة (كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴿264﴾ البقرة) (وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) في سورة النساء (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴿38﴾ النساء) فيها (ولا) زيادة هناك (كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هنا (وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ) (ولا) ما الفرق بينهما؟ وفي سورة التوبة أيضاً (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴿29﴾ التوبة) إذاً في سورة النساء والتوبة (لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر) وفي البقرة (يؤمن بالله واليوم الآخر)، الذي لا يؤمن بالله واليوم الآخر كافر شخص يقول أنا لا أؤمن بالله ولا في الآخرة أنا أعبد الأصنام وإذا مت صرت تراباً لا يوجد لا قيامة ولا الخ هذا لا يؤمن بالله واليوم الآخر هذا إعلان الكافر هو قال أنا رجل شيوعي أنا أمام الناس شيوعي وحزبي الشيوعي أنا ستالين أنا لينين أنا غورباتشوف لا يوجد لا الله ولا الخ هذا (لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هو معلن عن كفره وشركه بالله لا يوجد الله أصلاً بالنسبة له فهو ملحد هذا لا يؤمن بالله واليوم الآخر وهذا أصدق من الأول. الأول يدعي أنه مؤمن فهو يقول أنه مؤمن وأنه مؤمن بوجود الله لكنه كذاب دجال يعني فقط بالظاهر فهو منافق يقول أنا أؤمن بالله واليوم الآخر فالله قال له لا أنت لا تؤمن لا بالله ولا باليوم الآخر. فحينئذٍ هذا الفرق فقوله تعالى (لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هذا منطق الكفار جميعاً ولما يقول لك (وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هؤلاء المنافقون فالمنافق كافر لكن يدعي أنه هو مؤمن ولا يتبع الإيمان ومتناقض (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴿8﴾ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿9﴾ البقرة) هذا الذي الله يقول عليه (وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ) لاحظ، مثلاً كشخص جاء وقال لك أنا راسب خلاص هذا فلان راسب بالدروس لكن لو قال لا أنا ناجح في الرياضيات والإنجليزي المدير قال له لا أنت لست ناجح لا بالرياضيات ولا بالإنجليزي أنت كاذب. جداً واضح هذا الفرق بين (لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) فهو مشرك عادي ومعلن هذا ولا يغيره فهو يقول لا يوجد الله ولا آخرة ولا حساب ولا كتاب وآخر وهو غير مؤمن أيضاً لكن يخفي هذا الأمر إما لطمع أو خوف أو نفاق أو لآخره قال هذا الذي قال (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) هذا الله يقول عليه (وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هذا الفرق بين التعبيرين.

*ما دلالة التقديم والتأخيرفى قوله تعالى(لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ﴿264﴾ البقرة) - (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ﴿18﴾ إبراهيم)؟(د.أحمد الكبيسى)

نفس الاثنين الله يقول عن الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر يقول (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ﴿264﴾ البقرة) ومرة ثانية يقول عليه (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ﴿18﴾ إبراهيم) يعني آيتين عجيبتين ما الفرق بينهما؟ وحينئذٍ رب العالمين يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴿264﴾ البقرة) على شيءِ مما كسبوا، في مكان آخر في آية أخرى (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) ما الفرق بينهما؟ أنا أقول لك أنت لا تملك شيئاً من مالك أو أقول أنت لا تملك من مالك شيئاً لغة أعجوبة. رب العالمين عندما اختار هذه اللغة العربية حسّنها ورقّاها حتى وصلت إلى قمة رقيها فنزل القرآن على تلك القمة وما كان للغة أخرى غير العربية أن تحمل هذا المطلق الإلهي والفهم النسبي. هذا الكلمة القرآنية تعطيك معنىً جديداً إلى يوم القيامة معبأة بمعانٍ لا تنضب وكل واحد على قدر ثقافته وفهمه وعقله وحضارته وعصره وحاجاته يستطيع من الجملة الواحدة من الآية الواحدة أن يستنبط فيها حكماً جديداً مدللاً عليه لم يخطر على بال الأجيال الذين سبقوه. لما نقول نحن لدينا كافر ومنافق كما قلنا قبل قليل أن هناك فرق بين الاثنين بين كافر وبين مؤمن لكن مؤمن منافق، الكافر لا يقدر على شيء مما كسب ليس لديه كسب يعني واحد يقول لا يوجد إله وفرضنا تصدق هل له أجر؟ الجواب لا. عمل مشروع عظيم ولكنه لا يؤمن بالله مثلاً هؤلاء الشيوعيين في روسيا الذين كانوا ينكرون وجود الإله عمل خدمات للبشرية اخترع شيئاً اخترع سيارة أو طيارة أو دواء ليس له فيها أجر والله تعالى يقول (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ ﴿7﴾ آل عمران) لكي يكون لك أجرٌ على الإبداعات اختراع البنسلين واختراع الأسبرين واختراع الطيران يعني خدمات ناس قدمت خدمات للبشرية والله كلما ركبت طيارة أو سيارة أو قطار أو ما شاكل ذلك تقول ما هذا؟ العالم أصبح جميلاً أصبح مريحاً ناس بعقولها اخترعت هذا هؤلاء من كان منهم يؤمن بالله قال لا أنا أؤمن بأن الله وهو رب العالمين إله الناس وهناك يوم القيامة وحساب وكتاب هذا له أجره عند الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) وشخص آخر قال لك لا يوجد إله أنا شيوعي هذا عمل أعمال صالحة لكن ليس له شيء فالذي هو يعتقد بأن الله موجود هذا انتهينا هذا يقدر على شيء مما كسب. المنافق والمشرك، المنافق تكتب حسناته نقول عنه مؤمن أنا مسيحي أنا يهودي أنا مسلم لكنه كاذب هو منافق، في الأعماق هو ملحد فهناك من الناس من ارتدوا  بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أعلن الكفر وأعلن الإسلام وأخفى الكفر وارتدوا بعد ذلك فهذا كونه مسلم تكتب له وتسجل له أعمال حسنة لكن ليس له منها شيء. عنده فلوس وأموال لكن لا يستطيع أن يسحب ولا درهم محجور عليه هذا (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ). ذاك الذي هو يقول لا يوجد الله هذا (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) ليس لديه كسب أصلاً ليس لديه كسب لا يستطيع أن يأتي بما فعل لكي يضعه في حسابه (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) يعني لا يمكن أن تأتي بهذه الحسنات يضعها في حسابه في بنك الرحمن عز وجل إذاً هو أصلاً كافر والكافر لا يحاسب على الفروع وليس له أي عمل، الإيمان شرط العمل. الثاني المنافق لا هو في الظاهر مؤمن هو مواطن. يعني نفترض جدلاً أن لدينا شخص مندس هنا وهو جاسوس للعدو لكن لديه جواز سفر وهو جالس هنا في الظاهر هو منتمي هذا في الظاهر يدخل ويخرج لا بأس لكن ليس له قدرة على أن يكون في أي مكان لأن الدولة تعرف أن هذا مندس. هذا الفرق بين الملحد وبين الكافر المشرك العلني فالمشرك (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) والمنافق الذي يعلن الإيمان والإسلام (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) هذا هو الفرق بين هاتين الآيتين.

آية (265):

*ما معنى طلّ في الآية (فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ)؟( د.فاضل  السامرائى)

 الطلّ هو الندى

* ما الفرق بين خبير وبصير في الآيتين (إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94) النساء) (وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) البقرة)؟( د.فاضل  السامرائى)

البصير، البصر يؤخذ من أمرين، البصر يأتي بمعنيين في اللغة إما البصر هي الحاسة التي ينظر بها الباصرة  ويأتي لما في القلب الإبصار بالقلب ربنا يسميه بصيرة ،البصيرة في القلب والبصر ليست العين وإنما الرؤية وهذا الفرق بين النظر والبصر. إذن كلمة بصير فيها أمران بصير ضد الأعمى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (16) الرعد) من ناحية الرؤية، وبصير لمن كان قلبه بصيراً عنده معرفة في قلبه. الخبير العليم ببواطن الأمور فربنا لما يقول (إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) فاطر) يعني محيط ببواطن الأمور وظواهرها. بواطن الأمور من خبير وظواهرها من بصير الأصل الأول هو الإبصار. البصير من الإبصار ومن قوة القلب، إذن خبير العلم ببواطن الأمور خبير بصير يعني عليم ببواطن الأمور وظواهرها ولعلمه ببواطن الأمور فمن باب أولى أنه عليم بظواهر الأمور.

آية (266):

*انظر آية (187).↑↑↑

* ما معنى الضعف في القرآن في قوله تعالى (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) البقرة) وقوله تعالى (يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28) النساء)؟(د.حسام النعيمى)

كلمة الضعف ضد القوة إما القوة المادية أو القوة المعنوية. في الآية الأولى (266) البقرة) هي مثال لمن يحوّل عمله الصالح إلى سيء. سؤال بصورة (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ) هذه جنة الدنيا حديقة واسعة فيها من كل الثمرات والأنهار تجري من تحتها ، ماذا يريد الإنسان بعد هذا من حيث الجانب المادي؟ وأصابه الكبر لا يستطيع أن يزرع (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء) هذا الرجل الكبير عنده أطفال صغار السن (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت) مصيبة عظمى وهذه الصورة التي يرسمها القرآن صورة جنة أثمار وأعناب ونخيل والعربي يحب النخلة ولا يترك شيئاً منها بدون إستفادة منه، الثمرة يستفيد منها والنواة والسعف والجذع بعد أن يموت يجعله سقفاً لبيته، هناك علاقة بالنخلة لذا يذكر القرآن بها. الذرية ضعفاء ما عندهم قوة لإعادة الزراعة واحترقت الجنة وهذه مصيبة عظمى، هكذا شأن الذي يتحول من الإيمان إلى الضلال والمعصية والكفر.

الضعف فيه لغتان: بفتح الضاد (الضَعف) وبالضم (الضُعف). هما لهجتان عربيتان فصيحتان نزل بهما جبريل u على صدر رسول الله r حتى لا يعترض أحدٌ على أحد.

أما الضِعف بالكسر فيعني المكرر، ضِعف كذا يعني مرة بقدر شيء آخر ضِعفه وليس مرتين كما هو الشائع. تقول هذا ضِعف هذا أي بقدره فإذا أردت بقدر مرتين تقول ضِعفين.

* هل يحتمل معنى قوله تعالى (جنات تجري من تحتها الأنهار) أن الجنات تجري؟( د.فاضل  السامرائى)

لا أعلم إذا كانت الجنات تجري لكن بلا شك أن الأنهار تجري فالجريان يكون للأنهار في الدنيا كما في قوله تعالى في سورة البقرة (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)) وقال تعالى في سورة طه (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)) وفي سورة يونس (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)) لكن هل هناك أمر آخر أن الجنات تجري؟ الله أعلم لكن الأمر فيها أن قطعاً الأنهار تجري ويمكن من قدرة الله تعالى أن تجري الجنات في الآخرة ولكن هذا ليس ظاهراً مما نعرفه.

آية (267):

* ما دلالة الاختلاف في نهايات الآيات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) ،(قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) ، وفي الآية (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) البقرة)؟( د.فاضل  السامرائى)

نأخذ كل آية في سياقها (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) لما ذكر الأذى ناسب ذكر الحلم لأن الحليم لا يعجل بالعقوبة ولا يغضب سريعاً إذا أُوذي فلما ذكر الأذى ناسب ذكر الحِلم. الآية الأخرى ليس فيها ذكر أذى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) هذه ليس فيها أذى وإنما إنفاق ما هو خِلاف الأَوْلى، أنت أنفقت من الخبيث والله غني عن هذا. الله تعالى قال (وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ) والناس يجب أن تنفق الطيب وليس الخبيث الرديء، أنت تنفق الخبيث في سبيل الله والله غني عن هذا. الآية الأولى فيها أذى فناسب ذكر الحليم وهذه فيها خلاف الأولى في الإنفاق فالله غني وحميد فذكر فيها (حميد) لأنه يجب أن تفعل حتى تُحمد على ما تُنفق. (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) واسع بالرحمة والفضل، هو واسع المغفرة والفضل عليم بما تنفقون فيجازيكم على ما تنفقون فهو واسع العطاء واسع الخير واسع الرحمة وعليم بما تفعل فيجازيك فلماذا تخشى الفقر؟ الشيطان يعدكم الفقر والله تعالى واسع العطاء وواسع المغفرة وواسع الرحمة فلماذا تخشى الفقر، فواصل الآية نفهمها من السياق.

آية (268):

*(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء (268) البقرة) فلِمَ قدّم ربنا سبحانه وتعالى الفاعل على فعله؟( ورتل القرآن ترتيلاً)

الفاعل هو الشيطان والفعل يعدكم قال تعالى (الشيطان يعدكم) ولم يقل يعدكم الشيطان بل قدم الفاعل على فعله؟ إن في تقديم إسم الشيطان وابتداء الآية به إيذاناً لك أيها المؤمن بذمّ الحُكم الذي سيأتي بعده لتحذر الوقوع به. ألا ترى أنك تحذر السامع فتقول له: السفاح في دار صديقك وذلك بخلاف قولك: في دار صديقك السفّاح.

آية (269):

*قال تعالى: (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (269) الآيات السابقة واللاحقة للآية تتحدث عن الإنفاق فهل من أوتي الحكمة فهو ينفق أو من ينفق يؤتى الحكمة؟( د.فاضل  السامرائى)

الآية الكريمة (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (269) طلب المغفرة والفضل من الله هو إنما من الحكمة يعني لقد أوتي صاحبها من الحكمة ومن الخير أكبر وأوسع مما في المال من أوتي خير كثير أكثر من هذا المال الذي يظنه السائل. (وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً) ثم قال (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء) الذي يطلب المغفرة والفضل هو لا شك هذا خيره أكبر من مجرد المال مهما كان هذا المال، أوسع من المال إذن داخل في الخير وداخل في الفضل وداخل في المال وداخل في كل شيء ففيها ارتباط والكلام عام.

*ما المقصود بالحكمة فى قوله تعالى ("ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" البقرة 269)؟ولمِ َلم تنسب لله عز وجل؟( د.فاضل  السامرائى)

الحكمة هي وضع الشيء في محله قولا وعملا، أو هي توفيق العلم بالعمل، فلا بد من الأمرين معا: القول والعمل، فمن أحسن القول ولم يحسن العمل فليس بحكيم، ومن أحسن العمل ولم يحسن القول فليس بحكيم.فالحكمة لها جانبان: جانب يتعلق بالقول، وجانب يتعلق بالعمل. والحكمة خير كثير كما قال الله تعالى(ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا(269) البقرة فالله تعالى مؤتي الحكمة ولذلك نلاحظ أنه تعالى قال: " وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ"

قال (آتينا) بإسناد الفعل إلى نفسه، ولم يقل: لقد أوتي لقمان الحكمة، بل نسب الإتيان لنفسه. والله تعالى في القرآن الكريم يسند الأمور إلى ذاته العلية في الأمور المهمة وأمور الخير، ولا ينسب الشر والسوء إلى نفسه البتة. قال تعالى: "وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً10" الجـن.

أما فى قوله تعالى:(ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا(269) فقد قال عز وجل قبلها: (يؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) فنسب إتيان الحكمة إلى نفسه، ثم أعادها عامة بالفعل المبني للمجهول.

آية (273):

*(لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ (273) البقرة) ماذا أراد ربنا بقوله (لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ) وهل ضرب الأرض فِعل الأغنياء ؟( ورتل القرآن ترتيلاً)

هذا وجه بديع من أوجه اللغة العربية وهو باب الكناية والكناية أن تقول كلاماً وتريد ما يلزم عنه. فتقول هذا رجل سيفه طويل يريد ما يلزم عنه وهو طول الرجل فلا يحمل السيف الطويل إلا الرجل الطويل. (لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ) كناية عن عجزهم وفقرهم فهم عاجزون عن التجارة لقلة ذات اليد والضرب في الأرض كناية عن المتاجرة لأن شأن التاجر أن يسافر ليبتاع ويبيع فهو يضرب الأرض برجليه أو بدابته.

آية (274):

*انظر آية (262).↑↑↑

آية (275):

*(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا (275) البقرة) لِمَ قال (يأكلون الربا) ولم يقل يأخذون الربا مع أن الأكل يختص بالطعام لا بالمال؟( ورتل القرآن ترتيلاً)

نعم الأكل في حقيقته هو ابتلاع الطعام ولكن ربنا عبّر عن أخذ الربا بالأكل ليبين لنا حرص المرابي على أخذ المال بشَرَه.

آية (276):

* (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) البقرة) فلِمَ خصّ ربنا الكافر بعدم المحبة دون المرابي؟( ورتل القرآن ترتيلاً)

تأمل هذا السر البديع في خاتمة الآية فقد ختمها بقوله (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) مع أن بداية الآية توحي أن ختامها : والله لا يحب كل مرابي أثيم، فلِمَ خصّ ربنا الكافر بعدم المحبة دون المرابي؟ إن الإخبار بأن الله تعالى لا يحب جميع الكافرين يؤذن ويشعر بأن الربا شعار أهل الكفر وهو سمة من سماتهم فهم الذين استباحوه. وفي هذا تعريض بأن المرابي متّسمٌ بخلال أهل الكفر والشرك وإن كان مؤمناً.

آية (277):

*انظر آية (262).↑↑↑

آية (278):

*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) البقرة) لِمَ قدّم ربنا تعالى الأمر بالتقوى على الأمر بترك الربا مع أن الآيات تعالج قضية الربا؟( ورتل القرآن ترتيلاً)

أُمِر الناس بتقوى الله تعالى قبل الأمر بترك الربا لأن تقوى الله هي أصل الامتثال والاجتناب وترك الربا من جملتها وخصلة من خصال التقوى.

آية (280):

*ما دلالة كلمة  ميسرة  ؟( د.فاضل  السامرائى)

قال تعالى في سورة البقرة (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {280}).

اليسار هو الغنى المؤقت كالفقير إذا جاءه مال فعليه أن يؤدي دينه وهذا يفسّر أن يُنظر المعسر حتى يزول عذره. وقد يكون الفقير موسراً بين ساعة وساعة ولا يصبح غنياً بين ساعة وساعة وقولنا ذو سعة بمعنى موسّع عليه.(وإن كان ذو عسرة) بمعنى إن وُجِد.

آية (281):

*ما الفرق بين (ماعملت) و (ماكسبت)؟( د.فاضل  السامرائى)

قال تعالى(يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (111)النحل) و قال (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ (281) البقرة). في آية النحل قال ماعملت. في سياق الأموال يقول (ما كسبت) وفي سياق العمل يقول (ما عملت). في البقرة في سياق الأموال وقبلها أمور مادية من ترك الربا (278) الربا كسب حرام، آية المعسِر (280)، آية الدين (282) البقرة، في سياق الأموال فناسب ذكر الكسب أما آية النحل ليس لها علاقة بالكسب وقال قبلها (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (110) النحل) ليس فيها كسب فالجهاد والفتنة والصبر ليست كسباً. ففي سياق الأموال قال كسب وفي سياق الأعمال قال عمل.

في الاية قبلها قلنا أن الكسب منوط بالمال في الغالب ولهذا يقول تعالى (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ (134) البقرة) جعلها كالأموال وككسب الإنسان.

*قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) لقمان) وقال تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) البقرة) الآيتين جملتان وصفيتان فلماذا الحذف (فيه) في إحداها والذكر في الأخرى؟( د.فاضل  السامرائى)

السبب أن التقدير حاصل (يجزي فيه) لكن لماذا الحذف؟ الحذف يفيد الإطلاق ولا يختص بذلك اليوم. فالجزاء ليس منحصراً في ذلك اليوم وإنما سيمتد أثره إلى ما بعد ذلك اليوم وكلما يذكر الجزاء يحذف (فيه) (لا تجزي) و(لا يجزي)

أما في الآية الثانية فذكر (فيه) لأنه منحصر فقط في يوم الحساب وليس عموماً. وكذلك في قوله تعالى (يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار) اليوم منحصر في يوم القيامة والحساب لذا ذكر (فيه). وحذف (فيه) عندما كان اليوم ليس محصوراً بيوم معين.

آية (282):

*انظر آية (233).↑↑↑

* ما اللمسة البيانية في الآية (وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ (282) البقرة) ؟ ولماذ ذكر الله ورب في نفس الآية؟( د.فاضل  السامرائى)

الله غير الرب فالرب هو المربي والموجه والمرشد والمعلم والقيّم ولذلك يصح أن تقول عن إنسان هو رب الدار، رب الشيء،. لفظ الجلالة الله هو إسم العلم من العبادة هو الإله المعبود. (وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ) سبب الإختيار؟ هذه الآية جزء من آية الدين (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا (282) يتكلم عن الدائن والمدين. الدائن أحسن إلى المدين وأجره أعلى من أجر المتصدق لأن المتصدق أجره عشرة أضعاف والدائن ثمانية عشر كما في الحديث لأنه أخرج المحتاج من حاجته إذن الدائن أحسن إلى المدين فعلى المدين أن لا يبخس حق من أحسن إليه، الرب أحسن إلى العبد في تعليمه وتوجيهه إذن الدائن هو الذي أحسن إلى المدين والله هو الذي أحسن إلى الدائن فمكنّ له. وقال في ختام الآية (وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) والمعلم مربي رب فناسب رب من ناحية الإحسان ومن ناحية التعليم. لو قال (وليتق الله) فقط ليس فيها معنى الإحسان والإفادة وأ هذا أحسن إليك فكما أحسن الله إليك وآتاك المال وجعل يدك أعلى، لو قال ليتق ربه كلمة رب لا تعني الله بالضرورة لأن الرب قد تكون رب الدَيْن. أراد أن يجرّدها لله سبحانه وتعالى ولهذا قال (وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ).

*(فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا (282) البقرة) البخس هو النقص فهل اختيار البخس في قوله تعالى (ولا يبخس منه شيئاً) لغاية وسبب؟( ورتل القرآن ترتيلاً)

نعم فالبخس وإن كان بمعنى النقص إلا أنه يدل على الإنقاص بخفاء وغفلة عن صاحب الحق لذلك كان اختيار هذا اللفظ دون غيره.

*(وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ (282) البقرة) ما الفرق بين قولنا (واشهدوا شهيدين) وقوله تعالى (واستشهدوا شهيدين)؟ ( ورتل القرآن ترتيلاً)

انظر إلى هذا التصوير البديع الذي ترسمه زيادة السين والتاء في قوله تعالى (واستشهدوا) هذه الكلمة تدل على طلب شهادة الشاهدين وتكليف بالسعي للإشهاد وهذا ما لا يفيده لفظ (وأشهدوا) الذي يدل على مجرد الشهادة.

*ما دلالة (أن) فى الآية (فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى (282) البقرة)؟(د.فاضل السامرائى)

كراهة أن تضل إحداهما أو لئلا تضل. أن تميد بكم يقولون كراهة أن تميد بكم أو لئلا تميد بكم (إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) هود) يعني لئلا تكون من الجاهلين.

*(أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى (282) البقرة) في قوله تعالى (فتذكر إحداهما الأخرى) أظهر ربنا سبحانه وتعالى إحداهما مع أن حقها الإضمار فمقتضى الظاهر أن تكون الآية: أن تضل إحداهما فتذكرها الأخرى، فما فائدة تكرار إحداهما أي كما قال تعالى (أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)؟ ( ورتل القرآن ترتيلاً)

تكررت كلمة إحداهما لأن كل واحدة من المرأتين يحوز عليها ما يجوز على صاحبتها من الضلال والتذكير وتكرار كلمة (إحداهما) مع الضلال ومع التذكير لئلا يُتوهم أن إحدى المرأتين لا تكون إلا مذكِّرة للأخرى.

* ما الفرق بين استشهدوا وأشهدوا في آية البقرة (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ (282) وفي نفس الآية (وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ (282) ؟( د.فاضل  السامرائى)

استشهد (إستفعل) يعني احتمال الأول أن يكون للطلب أي اطلبوا شهيدين أو قد يكون للمبالغة أي اطلبوا ممن تكررت منه الشهادة وممن تعلمون قدرته وعلمه على أدائها. الهمزة والسين والتاء للطلب يعني اطلبوا شهيدين ومنها للمبالغة فالهمزة والسين والتاء تأتي لأمور منها هذه، أما أشهدوا فليس فيها هذا الأمر معنى ذلك أن استشهدوا معناها أقوى ولو لاحظنا كيف قال استشهدوا والموضع الذي قال أشهدوا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا (282) تقييدات في حفظ الحقوق (فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) الذي لا يستطيع أن يحفظ حقه قال (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ) في هذا الموقف نطلب من يستطيع أن يتحمل الشهادة أمين قادر على أن يتحمل أداءها قال (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) أما في الثانية قال (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ) في البيع ليس فيه أحد قاصر لا يستطيع أن يمل ماعليه الحق وما إلى ذلك وإنما حالة أكبر فقال (أشهدوا) لأن البيع لا يحتاج. إذن الحالة التي تستدعي دعوة الأمين والقوي والمقتدر والعالم بالشهادة ذكرها في موطنها والتي لا تحتاج ما قال اكتبوها (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا) فيما هو أهم جاء بالفعل الذي يدل على الأهمية الطلب ولمبالغة والأمر الاعتيادي الذي يحصل في الأسواق قال أشهدوا فوضع كل فعل في الموضع الذي ينبغي أن يوضع فيه.  

*هل اللام هنا نافية أم ناهية(وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ (282) البقرة)؟( د.فاضل  السامرائى)

فى قوله تعالى (وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ (282) البقرة) و(لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ (233) البقرة) هذا حكم شرعي. (وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ) (لا) ناهية وليست نافية بدليل الراء في (يضارَّ) مفتوحة. هل هي لا يضارَر؟ أي لا يضره أحد أو لا يضارِر، هو لا يضر أحداً؟ محتمل أن الكاتب والشهيد يضغط عليه ويضر عليه ويهدد فيغير من شهادته يحتمل هذا المعنى أو أن الشهيد لا يريد أن يشهد لأسباب في نفسه، يغير في الشهادة. لا يضارَر أو لا يضارِر؟ لو أراد أن يقيّد كان يقول ولا يضارَر فيكون قطعاً هو المقصود (نائب فاعل) لو أراد أن الكاتب هو الذي يُضرِ يقول لا يضارِر. مع أن الله سبحانه وتعالى قال في القرآن (ومن يرتدد) في مكان وقال (ومن يرتد) في مكان آخر (من يشاقق) و (من يشاق) بدل أن يقول ولا يضارِر أو ولا يضارَر جاء بتعبير يجمعهما معاً يريد كلاهما. إذن لو فك يجعل هناك عطف لكنه أوجز تعبيراً ويجمع المعاني ويسمى التوسع في المعنى.

(لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ (233) البقرة) لا يوقع عليها ضرر بحيث الأب يضرها إذا كانت مطلقة؟ أو هي لا تضر زوجها بحيث تمنع إبنها؟ ما المقصود؟ المعنيان مرادان وكلاهما منهي. عندنا باب إسمه التوسع في المعنى في علم المعنى، عندنا دلالة قطعية وعندنا دلالة احتمالية وهذه الاحتمالية تحتمل معاني قد تراد كلها أو بعضها فإذا أريد بعضها أو كلها يسموه التوسع في المعنى.

آية (283):

*(وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ (283) البقرة) فلِمَ أطلق على الرهان إسم الأمانة؟( ورتل القرآن ترتيلاً)

كل من يقرأ هذه الآية يعلم أن الأمانة في قوله تعالى (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) يُراد بها البرهان الذي سبق ذكره (فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) سمّى ربنا سبحانه وتعالى الدَيْن في الذمة أو الرهن أمانة لتعظيم الحق عند المدين فاسم الأمانة له مهابة في نفس الإنسان لا تضفيه كلمة الرهان وفيها تهويل من عدم الوفاء بالإتفاق لئلا يُسمى ناكث العهد خائناً.

*(وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ (283) البقرة) أليس من الممكن حذف لفظ الجلالة (الله) من الجملة (وليتق الله ربه)؟ فلِمَ ذكر رنا تعالى كلمة (الله) وكلمة (ربه) وهما إسمان لمسمّى واحد؟( ورتل القرآن ترتيلاً)

ذكر إسم الجلالة (الله) في الآية مع أنه يمكن الاكتفاء بقولنا وليتق ربه لإدخال الروع في ضمير السامع ولغرس المهابة في قلبه ليكون حذراً من الإخلاف فاسم الجلالة (الله) له وقع في نفس السامع يشعرك بالمهابة والتعظيم.

آية (284):

*ما دلالة تقديم وتأخير كلمة تخفوا في آية سورة البقرة وسورة آل عمران؟

 د.فاضل  السامرائى :

قال تعالى في سورة البقرة (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {284}) وقال في آل عمران (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {29}). المحاسبة في سورة البقرة هي على ما يُبدي الإنسان وليس ما يُخفي ففي سياق المحاسبة قدّم الإبداء أما في سورة آل عمران فالآية في سياق العلم لذا قدّم الإخفاء لأنه سبحانه يعلم السر وأخفى.

د.أحمد الكبيسى :

نهايات سورة البقرة (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿284﴾ البقرة) تبدوا أولاً وتخفوا ثانياً هذه في البقرة، وفي آية أخرى يقول (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴿29﴾ آل عمران) إذاً مرة بدأ بما تخفيه أنت في صدرك أو تبديه في الثانية بدأ بما تبديه أولاً ثم تخفيه فلماذا قدّم؟ لماذا مرة قال أهم شيء عندك الذي تخفيه ومرة أهم شيء عندك الذي تبديه؟ فمرة بدأ بتخفيه وهو مهم مرة بدأ بتبديه فهو مهم إذاً لماذا هناك الإخفاء أخطر وهنا الإبداء أخطر؟. الذي حصل ما يلي كما تعرفون أولاً رب العالمين تكلم مرة عن المحاسبة ومرة عن العلم لما يقول (يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) يعني بالشر الشر عادة يُخفى ولا يُظهر فرب العالمين يخاطب الذين يخفون الشر ويفعلونه كثيراً قال رب العالمين أعلم وأكرم وأشد إحاطة بالعلم منكم بما تخفونه في صدوركم. فأنت عندما تفعل منكراً تبديه ومنكراً تُخفيه فرب العالمين عز وجل يعرف ما تبديه ويعرف ما تُخفيه. من أجل هذا لماذا قدم ما تبديه (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ)؟ هذا عن الشر ترتكبون الذنوب قدّم إن تبدوا من حيث أن إبداء الذنب أخطر بكثير جداً من إخفائه. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من ارتكب من هذه القاذورات) يعني الذنوب الحدود (شيئاً فاستتر) لا أحد يعرف وأخفاها (فهو بستر الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفى عنه ومن أبدأ صفحته أقمنا عليه الحد) لماذا؟ لأنه يفسد الجماعة هذا الذي يجاهر بشرب الخمر بالزنا بالقمار علناً وأمام الناس وتخرج في الشارع هذا تحدي للنظام للمجتمع ولستره ولكرامته ولواجهة الجماعة الإسلامية والمجتمع الإسلامي الذي ينبغي أن يكون مجتمعهم نظيفاً فكونك أنت تتحداهم بهذا الشكل، ماذا لو مشى أحد الناس عارياً في الشارع؟ أو مشت امرأة عارية؟ يا أخي لا بد أن تستتر الستر في هذه الحالة هذا ضرورة فرب العالمين بالمسيئين قال يحاسبكم فكلمة يحاسبكم يعني الآن أنتم ترتكبون ذنوباً، أيهم أخطر الذنب الخفي أو الذنب الظاهر؟ الذنب الظاهر في تحدي للجماعة وللمجتمع وللشعب وللحكومة وللقوانين والنظام والآداب يعني كلام طريف يعني خدش الآداب العامة، هذا بالإضافة إلى الذنب فيه وقاحة وفيه مجاهرة (ومن أبدى صفحته أقمنا) (لعن الله المجاهرين الذي يرتكب ذنباً في الليل وقد ستره الله يصبح فيحدِّث به) يقول فعلت بالأمس كذا وكذا والله شربت خمراً وفعلنا كذا وفلان شيء هذا ملعون. فرب العالمين لما بدأ قال (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) بدأ بأنه كيف أنت تبدي الذنوب؟! أنت استتر لعل الله يغفر لك هذا بالذنوب. أما بالأعمال لا قال (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ ) من حيث أن المفروض أن الأعمال الحسنة مفروض يعني يقول (تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما أنفقت شماله) (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴿271﴾ البقرة) الإخفاء أبعد عن الرياء والسمعة وفيها إخلاص لله عز وجل. من أجل هذا رب العالمين يبدأ بالأهم من حيث أنه بالذنوب الإبداء مصيبة وهو الخطأ والخطورة في الذنب. أما في الإنفاق الإصرار بالعطاء أفضل والإبداء غير مرغوب فيه (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ﴿274﴾ البقرة) قدّم السر. إذاً المطلوب في الذنوب أن لا تبدي فالإبداء جريمة ثانية يعني جريمة مغلّظة ولهذا قدمها (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ) في الإنفاق قال (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ) أولاً عرفنا الفرق بين تبدوا وتخفوا. لكن لماذا مرة قال قلوبكم مرة قال صدوركم؟ هناك (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ) هنا (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ) مكان آخر إن تخفوا ما في قلوبكم. هذه مقصودة النفس مكمن الشهوات (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ﴿14﴾ آل عمران) الشهوة والهوى هذا من النفس وخالِف النفس والشيطان واعصهما فلما يقول في أنفسكم يعني من باب الشهوة. لما قال (فِي صُدُورِكُمْ) الهواجس والعواطف والأحاسيس من وساوس وعواطف مختلفة من كرهٍ وحبٌ وحقد وبغضاء وانكسار وحزن وألم الخ حينئذٍ لما يقول كما في الآية (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴿49﴾ العنكبوت) (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴿19﴾ غافر) هكذا كل هذه السيئات الخطيرة التي نحاسب عليها يوم القيامة والتي مكمنها الصدور من فخرٍ ورياء وطمع وجشع وحبٍ وكرهٍ وما شاكل ذلك ما فيها من سوء هذا يرجع إلى الصدور لأن الصدر هو مكان القلب وفي القرآن الكريم هذا موجود. إن تخفوا ما نفوسكم من الشهوات أو ما في صدوركم من الوساوس وعلى هذا النحو وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ﴿50﴾ أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ﴿51﴾ الإسراء) (وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ ﴿80﴾ غافر) وهكذا كما قال عن الشيطان (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿5﴾ الناس) (وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴿16﴾ ق) إذاً كل نوع من أنواع الجرائم القلبية هذه لها قسم من الصدور وقسم من النفوس وقسم من القلوب. هكذا هو الفرق بين قوله تعالى (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) وبين (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ) في الخير أن عليك أن تُخفي ولا تُبدي في الخير عليك أن تكون قدوة ولاحظ الفرق في الآية الأولى قال (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) إذاً قضية إجرام أما هنا قضية إنفاق عمل صالح فقال يعلمه الله (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) وهكذا الآيات بعضها يكمل بعض من حيث كل كلمة في الآية هي التي توجّه هذا التغيير في التقديم والتأخير أو زيادة حرف أو نقصانه أو زيادة حركة أو نقصانها عليك أن تقرأ ما حول الآية لكي تعرف ماذا أراد الله بهذا وفي قوله (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴿5﴾ الأحزاب) هذه النية فالنية في القلب معنى هنا على النيات لاحظ هنا أن للنفس وظيفة وللصدر وظيفة وللقلب وظيفة. والآن ثبت علمياً وهذا من إعجاز القرآن ثبت علمياً أن الدماغ له ارتباط بالقلب فالقلب ليس فقط مجرد آلة تضخ الدم بل ثبت علمياً الآن أن القلب ليس فقط مجرد آلة تضخ الدم وإنما هناك ربط في العمل بين الدماغ وبين القلب من حيث أن عمل الدماغ مرتبط بعمل القلب من حيث أن كلٌ منهما يرسل للآخر إشارات ولهذا رب العالمين قال (تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) ما قال تعمدت أدمغتكم. هذا لأول مرة في التاريخ يثبت الآن أن القلب ليس مجرد عضلة تضخ الدم وإنما فيها من عمل الدماغ شيء فلهذا الله قال (تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ).

فى إجابة أخرى للدكتور الكبيسى :

يعني الآيتين (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) و (إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ (29) آل عمران) الذي في النفس نفسك وشهوات ووساوس هذا حديث نفسك أما صدوركم لا، مؤامرات وجرائم وإلحاد وكفر ونفاق وأنت مصايب وخيانة وتآمر مع العدو وارتداد شيء مصائب فهذه النفس يقول العلماء الأكارم يقولون عقوبته الهمّ كلنا فينا وساوس يعني واحد شاف له واحدة حلوة وفكر فيها واحد كان يسكر سابقاً وتاب ويقول الله ما أحلى تلك الأيام التي كنا نسكر فيها! ولهذا الإسلام حرّم استعمال أواني الخمر بعد ما حرّم الخمرة طيب يا أخي بعضها كاسات حلوة وجميلة صحيح كنا نشرب فيها الخمر لكن الآن تبنا نشرب فيها شاي قال لك لا إكسرها لا أحد يترك في بيته هذه الأواني لماذا؟ أنت بعد سنة أو سنتين من تركك للخمر ترى هذه الأواني وتقول الله كيف كانت ايام حلوة عندما كنا نسهر ولما كنا نسكر لا لا وحينئذٍ يقول عن هذا يبتلى بالهمّ. وساوس النفس رب العالمين يعاقبك عليها في الدنيا بالهمّ لكن التي في الصدور لا هذه مصائب. نحن قلنا سابقاً الشيطان يا جماعة مجرم كبير مجرم دولي ارهابي هائل هو ليس عمله أن يجعلك تنظر إلى امرأة أو تشرب خمر هو لا ينزل نفسه إلى هذا المستوى فهذا كفيل بها نفسك الأمارة بالسوء لا، يقول لك اكفر اشرك خون تعاون اقتل هذا شغل الشيطان هذا في الصدور كقوله تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) الناس).

نعود إلى ما كنا عليه في قوله تعالى (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) تبدوا وتخفوا وبعدين في أنفسكم أو صدوركم وشرحناه باختصار أنفسكم الشهوات وهذه الشهوات كما تعرفون ما لم تنفذها فأنت غير محاسب عليها لكن إذا كنت هذه المشاعر الشهواتية والخواطر تتخيل لما كنت تسكر أو تزني أو فلانة أو علانة وقد تفرض نفسها عليك هذه الخيالات إذا أنت طردتها عن نفسك فلست محاسباً عليها (تجاوز الله لأمتي عن ما حدثت بها نفسها ما لم تفعله) وطبعاً تعرفون أنتم درجات الشعور أول مرة العلم الإدراك يعني أنا أرى سيارة جميلة أدرك أن هذه سيارة جميلة هذا إدراك ثم أحبها هذا يسمونه وجدان ثم تتمنى أن تحصل عليها أنت لست لديك مال فتفكر بسرقتها فهذا يسمى الهمّ ثم الشروع ثم رحت عليها إلى أن أخذتها فهذا يسمى الإدراك ثم الوجدان كأن ترى امرأة وأدركت أنها جميلة بعدين قلبك اشتهاها هذا وجدان ثم يفكر كيف يحصل عليها بأي طريقة كانتهذا النزوع إلى أن يصل إلى الشروع ويفعلها. فكل واحدة لها حكم أنت في كل شيء في سيارة في جريمة في قتل كل هذه إذا في النهاية عند مرحلة النزوع والشروع إذا لم تفعلها تغفر كلها كشخص فكر بواحدة واشتهاها وذهب إلى بيتها فلم يجدها هذا انتهى فهذا ما دام لم يفعل الفعل تغفر له كل الحركات التي قبلها (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) النساء) كل المقدمات مغفورة ما عدا الجرائم الجنسية أما ما عداها سرقة قتل خيانة صار عندك إدراك ووجدان وشروع ونزوع ثم ذهبت ثم قلت لا ما أفعل هذا كلها مغفورة لكن القضايا الجنسية كلها محسوبة عليك يعني أنت أول نظرة محاسب عليها أدركت أن هذه جميلة محاسب عليها اشتهيتها محاسب عليها صار عندك شروع محاسب عليها مديت يدك هذا نزوع أنت الآن دخلت في جريمة كبيرة فقضايا الجنس النظرة الأولى والنظرة الثانية هذه التفصيلات تعرفونها جيداً. من أجل هذا في نفوسكم هذه القضايا أما في صدوركم الجرائم التآمرات الخيانات والعالم مليء بمثل هذه الأمور هذا شيء وهذا شيء وكل واحدة لها حكمها وإن تخفوا أو تبدوا، تبدوا أو تخفوا ومرة قال إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه، تبدوه هذا قضايا العداء والتآمر هذا واضح أنت في حزب في جماعة تتآمر وتقتل طائفياً وفئوياً أمام الناس بأن هذا مشرك وهذا قاتل وهذا خائن وتقتل في العالم والباقي لا مخفية تبدأ بالخفاء.

*ما دلالة تقديم وتأخير (يغفر) في قوله تعالى (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) البقرة)وقوله تعالى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40) المائدة) ؟

د.أحمد الكبيسى :

رب العالمين قال (سبقت رحمتي غضبي) هذا شيء معروف، وفي كل القرآن عندما تأتي على المغفرة والعذاب يقول يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء يقدّم المغفرة على العذاب ما من موضوع في القرآن الكريم رب العالمين تكلم عن عباده الصالحين والطالحين ثم قال (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴿284﴾ البقرة)، في آل عمران (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿129﴾ آل عمران)، وفي المائدة (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴿18﴾ المائدة) هكذا موضع واحد فقط خالف هذا النسق العظيم من تقديم المغفرة أملاً واستبشاراً ورحمة تطبيقاً لقوله تعالى (سبقت رحمتي غضبي) ورحمة الله واسعة (ليرحمنّ الله الناس رحمة يوم القيامة يتطاول لها إبليس)، موقع واحد قال وهو في المائدة في سورة المائدة فقط تكلم عن هذا. الفرق أنه فى آية المائدة فقط التعذيب فيها مقدّم؟ ما هو نسق الآيات التي قبلها؟ رب العالمين أرحم لعباده من آبائهم وأمهاتهم تكلّم رب العالمين عن جرائم خطيرة بشعة إذا استشرت في أي مجتمع تُنهيه، تُلقي الخوف والرعب وعدم الاستقرار كما هو في بعض بلدان العالم العربي الآن كالعراق والصومال وما لف لفهما. تكلم رب العالمين عن جريمتين عظيمتين الأولى قطع الطريق الحرابة ﴿33﴾ المائدة) وهو قطع الطريق سواء كان بالداخل أو بالخارج ما دام صار قتل. الثاني وراءها مباشرة السارق (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿38﴾ المائدة).

د.حسام النعيمى :

لو نظرنا في الآيات سنجد أن المغفرة تقدمت في ثلاث آيات في البقرة قدّم المغفرة وفي آل عمران والمائدة وتقديم المغفرة على العذاب هو الأصل لأنه (كتب ربكم على نفسه الرحمة)  وفي الحديث في صحيح البخاري "رحمتي سبقت غضبي" لكن يرد السؤال أنه لماذا تقدمت يعذّب على يغفر في الآية 40 في سورة المائدة؟ هذا الأمر يتعلق بقطع اليد لاحظ الآية (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)) فلا بد أن يقدّم العذاب لأن الكلام في البداية كان على عذاب ثم على مغفرة ولو عسكت لما إستقام الكلام .

*(وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ (284) البقرة) ما دلالة (يحاسبكم)؟( ورتل القرآن ترتيلاً)

المحاسبة مشتقة من الحسبان وهو العدّ ويحاسبكم أي يعدّه عليكم ثم أطلق هذا اللفظ على ما ينجم عن العدّ والإحصاء وهو المؤاخذة والمجازاة فحساب الله تعالى هو إحصاء لأعمالك وأفعالك ثم مجازاتك على ذلك.

آية (285):

*قال تعالى (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة) فما الفرق بين المغفرة والغفران فى القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)

كلمة غفران لم ترد إلا في موطن واحد في قوله تعالى (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة) في طلب المغفرة من الله تعالى. إذن كلمة غفران مخصصة بطلب المغفرة من الله تعالى، هذه دعاء أي نسألك المغفرة (غفرانك ربنا). إذن غفران تستعمل في طلب المغفرة ومن الله تعالى تحديداً. المغفرة لم تأت في طلب المغفرة أبداً وإنما جاءت في الإخبار وفي غير الطلب (وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً (268) البقرة) (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ (6) الرعد). في طلب المغفرة فقط يستعمل كلمة غفران ومن جهة واحدة وهي المغفرة من الله عز وجل. لم تأت المغفرة في الطلب وقد تأتي من غير الله سبحانه وتعالى كما في قوله (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) البقرة) قد تأتي من العباد. إذن المغفرة ليست خاصة بالله سبحانه وتعالى ولها أكثر من جهة ولم يستعملها القرآن في طلب المغفرة. الغفران مختصة بطلب المغفرة ومن الله تعالى تحديداً.

*في قوله تعالى (لا نفرّقُ بين أحد من رسله)(لا) هي النافية لا تجزم ولا تؤثر على الفعل إنما نفي فقط للفعل الذي يليها.

*ما الفرق بين البناء للمعلوم والبناء للمجهول فى (أنزلناه) و (أنزل إليه)؟(د.فاضل السامرائى)

المعروف في النحو واللغة أن المُسنَد إليه هو المتحدَّث عنه والمُسنَد هو المتحدث به عنه. من المسنَد إليه الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ والخبر وما أصله مبتدأ وخبر، من المسنَد إليه بالذات الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ. إذا أراد الحديث عن نائب الفاعل بنى الفعل للمجهول وإذا أراد الحديث عن الفاعل ذكره. عموم الكلام ماذا يريد المتكلم؟ هل الكلام عن الفاعل أو عن نائب الفاعل؟. في سورة هود، الحديث عن الكتاب وتعظيمه لا على من أحكم وفصّل أي الله سبحانه وتعالى (أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) وليس الكلام عن الحكيم الخبير وإنما هذا فقط ذكره لتعظيم الكتاب، مثلها ما ورد في الأعراف (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)) (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) إذن الكلام عن الكتاب والكلام عن الكتاب يبدأ بالسورة (المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)) فإذا كان الكلام على الفاعل ذكر الفاعل وإذا كان الكلام عن نائب الفاعل ذكره. مثال (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (6) الفرقان) يتكلم عن الله، ذكر الكتاب في (أَنزَلَهُ) لكن الكلام عن الفاعل عن المنزِل لا عن المنزَل (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (6) الفرقان). (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ (285) البقرة) بماذا يؤمن؟ بالكتاب. (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (2) الزمر) (إِنَّا أَنزَلْنَا) الكلام عن الله وليس عن الكتاب. فإذن هناك إذا كان الكلام عن نائب الفاعل يبنيه للمجهول. أليس هناك فرق بين (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)؟ (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) الكلام عن الكتاب لكن يذكر من المنزِل فيما بعد لتعظيم الكتاب ليس للكلام عن الفاعل وإنما لتعظيم الكتاب، (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من أنزله؟ الله، إذن (أنزل إليك من ربك) هذا استكمال لتعظيم الكتاب.

إذن البناء للمجهول له أغراض؟.

طبعاً له أغراض، عن ماذا تريد أن تتحدث؟ هذا من البلاغة والبيان يركز على ما يريد التحدث عنه. حتى إذا ورد الفاعل فهو لغرض ما يتعلق بالكتاب يعني بنائب الفاعل أيضاً وليس بالفاعل لكن بما يأتي بالغرض في هذا السياق حسب الحاجة وحسب ما يريد المتحدث أن يتحدث عنه.

آية (286):

*انظر آية (233).↑↑↑

*ما الفرق بين (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا) الطلاق، وبين (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة؟(د.حسام النعيمى)

لو نظرنا في الآيتين سنجد السبب واضحاً. الآية الأولى كانت تتكلم على التكاليف عموماً (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)) في التكاليف وفي أمور الحياة وفي العمل. إذا عمل خيراً يكون له وإذا عمل سوءاً يكون عليه وهذا في عموم التكاليف فقال الله عز وجل (لها ما اكتسبت وعليها ما اكتسبت) فهو كسبٌ وإكتساب.

لكن الآية الثانية (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)) الإيتاء هو الإعطاء. لما ننظر في سياق الآية الكلام على المال أي ما آتاها من مال فالكلام على الإنفاق ولما يكون الكلام على الإنفاق الإنسان ينفق. والكلام هو على المطلقات أي ما أعطاها من الرزق، فلا يكلف الفقير أن ينفق ما ليس في وسعه بل لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها من حيث المال عندما يكون هناك إنفاق فبقدر ما عندك تُنفِق أي بمقدار ما آتاه الله (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها).

 والتي في التكاليف للعلماء وقفة فيها: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) جمهور العلماء قالوا كما قال الرسول r "إذا أمرتكم بأمر فاتوا به ما استطعتم" أي بقدر طاقتكم

وقول آخر أن معناها إن جميع التكاليف هي في وسع البشر لأنه سبحانه و تعالى لم يكلّف البشر شيئاً لا يطيقونه هذا يحتاج إلى إستنباط أنه لم يكلفهم ما لا يطيقونه فإذا كانوا لا يطيقون يخفف عنهم. بهذا الشكل حنى نجمع بين الأمرين.

(لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) دلالة التنكير للأنفس هي للعموم والشمول أي جنس النفس أيُّ نفس لا يكلفها الله تعالى إلا وسعها، إلا ما تطيقه. الرسول r لما يقول "إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن أمرفانتهوا" في مسألة النهي نقطع فلما نُهينا عن الربا إنتهى الأمر لا نقول هذا ربا وهذا رُبيّ ربا خفيف هذا لا يجوز. وإذا أمرنا بأمر نأتي منه بقدر طاقتاتنا. أمرنا بالصيام فإذا كان الإنسان مريضاً يخفف عنه.

الدلالة: القرآن هو تعبير فني مقصود كل لفظة وكل عبارة وردت فيه لعظة على حروفها وهو مقصود قصداً.

*ما الفرق بين كسبت واكتسبت؟(د.فاضل السامرائى)

اكتسب على وزن (إفتعل) وفيها تمهّل مثل اصبر واصطبر وجهد واجتهد. اصطبر هو صبر طويل شديد، صيغة افتعل فيها تمهّل ومدّة واجتهاد وإبطاء. قال تعالى (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ (286) البقرة) الإكتساب فيها تعمّل واجتهاد وليست اكتسب عامة أنها في الشر. الكسب يكون في الخير والشر لأن الكسب أسرع والاكتساب فيه تعمّل واجتهاد وكسب حتى يكتسب والسيئات تحتاج إلى مشقة أما الخير فقد يأتيك وأنت لا تعلم، يغتابك أحد وتكسب أنت خيراً وهو يكتسب شراً.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌳 ما الفرق بين قوله تعالى (فتحت أبوابها) في النار و(وفتحت أبوابها) في الجنة في سورة الزمر؟🖌 د/فاضل السامرائي

الفرق بينهما حرف واحد غيّر معنى الآيتين وهو حرف (الواو). في وصف دخول الكفار قال تعالى: (حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها) وفي دخول المؤمنين الج...