الاثنين، 24 يونيو 2024

لماذا وصف الله سيدنا إسماعيلَ بأنه غلامٌ حليمٌ فقال فيه:《فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ 》[الصافات: ١٠١]. و وصف سيدنا إسحاق بأنه غلامٌ عليمٌ، فقال فيه:《وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ》[الذاريات: 🖋- د.فاضل صالح السَّامَرَّاءى - أَسْئِلَةٌ بَيَانِيَّةٌ في القُرآنِ الكَريمِ ؟

  الحِلمُ: هو أن يملك الشخصُ نفسه عند الغضبِ، و هو يظهر عند التعامل مع الآخرين و العلاقةِ بهم.

و قد ذكر الله علاقةَ إسماعيل بأبيه و بالآخرين في أكثر من موطنٍ في القرآن الكريم، فقد ذكر بعد قوله:《فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ ﴿١٠١﴾》قوله:《فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ》[الصافات: ١٠٢].
و ذكر بناءه البيتَ مع إبراهيمَ أبيه فقال:《وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ》[البقرة: ١٢٧].
و قد ذكر الله عنه أنه رسولٌ نبيٌّ، و أنه كان صادقَ الوعدِ، و الرِّسالة إنما تقتضي حسنَ التعاملِ مع الآخرين.
و صدقُ الوعدِ إنما يكون إذا وعد جهةً ما بأمرٍ معينٍ فوفاها إياه، و وصفه بالصيغةِ الاسميةِ يدل على ثبوتِ هذه الصفةِ فيه.
قال تعال:《وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا ﴿٥٤﴾ وَكَانَ يَأۡمُرُ أَهۡلَهُۥ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِۦ مَرۡضِيّٗا》[مريم: ٥٤-٥٥].
و هذه الأمور تقتضي علائقَ اجتماعيةً و فيها يظهر الحلمُ أو غيره، فوصفه بالحلمِ لذاك.
و أما إسحاقُ فلم يذكر له علاقة بالآخرين، و قد وصفه الله بالعلمِ، و العلم لا يقتضي مثل تلك العلائقِ.
ثم إنه قد ذكر الله عنه أنه نبيٌّ و لم يذكر أنه رسولٌ، فقال:《وَبَشَّرۡنَٰهُ بِإِسۡحَٰقَ نَبِيّٗا مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ》[الصافات: ١١٢].
و قال:《وَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۖ وَكُلّٗا جَعَلۡنَا نَبِيّٗا》[مريم: ٤٩]، و النبوةُ لا تقتضي علائقَ كالرسالةِ، فوصفه بالعلمِ و لم يصفه بالحلمِ.
و يَحسنُ أن نذكرَ أنه حين يصفُ الله نبيًّا بصفةِ كمالٍ، لا يعني أن الأنبياء الآخرين ليسوا متصفين بمثل هذه الصِّفةِ، أو أن هذا النبيَّ لم يتصف بصفة كمالٍ غيرها، فإذا وصف نوحاً مثلاً بأنه كان عبداً شكوراً، لا يعني ذاك أن الأنبياء الآخرين ليسوا كذلك، و إذا وصف إبراهيمَ بأنه أواهٌ مُنيبٌ لا يعني أن إخوانه من الأنبياء ليسوا كذلك، بل كلهم عبادٌ شاكرون لأنعمه سبحانه منيبون إليه، و إنما هو يذكر أمراً أو وصفاً يقتضيه السياقُ، أو يكون مشتهراً به أكثر من غيره من الصِّفات، فوصف كلاًّ منهما بما يقتضيه سياقه الذي ورد فيه، أو الأمر الذي أُوكِلَ إليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق