الخميس، 4 يوليو 2024

☆سؤالٌ: لماذا قال في الآية الأولى:《فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ》، و قال في الآيةِ الأخرى:《بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ》فذكر الكسبَ في الآية الأولى، و ذكرَ التَّقديمَ في الآيةِ الأخرى؟ 🖋-د.فاضل صالح السَّامَرَّائيِّ 📚- أَسْئِلَةٌ بَيَانِيَّةٌ في القُرآنِ الكَريمِ

 قال تعالى في سورةِ الشُّورى:《وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ》[الشورى: ٣٠].

و قال في السُّورةِ نفسها في الآيةِ: [ ٤٨ ]:《وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَإِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ كَفُورٞ 》
☆الجوابُ:
لقد سبق الآيةَ الأولى الكلامُ على الرِّزقِ فقال:《۞ وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٖ مَّا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرُۢ بَصِيرٞ》[٢٧]، و الرِّزقُ مما يُكسب، فناسب ذكرَ الكسبِ.
و ليس السِّياقُ كذلك في الآية الأخرى، و إنما السِّياقُ في الكلامِ على اليومِ الآخرِ، فقد قال:《ٱسۡتَجِيبُواْ لِرَبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۚ مَا لَكُم مِّن مَّلۡجَإٖ يَوۡمَئِذٖ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٖ 》[٤٧].
فناسب ذكر ما قدموه من أعمالٍ، فناسب كلُّ تعبيرٍ مكانه الذي ورد فيه.
و نظير ذلك قوله تعالى في سورةِ الرومِ:《ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ》[٤١].
فذكر الكسبَ لما تقدمها ذِكْرُ الرِّزقِ و الأموالِ، فقال:《أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ﴿٣٧﴾ فَـَٔاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴿٣٨﴾ وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن رِّبٗا لِّيَرۡبُوَاْ فِيٓ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ فَلَا يَرۡبُواْ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ ﴿٣٩﴾ اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ》[٣٧ - ٤٠].
في حين قال في السورةِ نفسِها:《وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ》[الروم: ٣٦]، فقال:《بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ》فذكرَ التقديمَ لما لم يكن السياقُ في ذكرِ الرِّزقِ، و إنما تقدمها ذكر الضُّرِّ و الرَّحمةِ، فقال:وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرّٞ دَعَوۡاْ رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُم مِّنۡهُ رَحۡمَةً إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم بِرَبِّهِمۡ يُشۡرِكُونَ 》[٣٣]، فناسبَ كلُّ تعبيرٍ مكانَه الذي ورد فيه في كلِّ موضعٍ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق